هل تستمر مسرحية خيبات الأمل..؟
خاص غلوبال – سامي عيسى
ما تمر به سورية من أزمات اقتصادية واجتماعية، لم تخطر على بال أحد، ولم تكن متوقعة بعد سلسلة من الخطوات التي اتخذتها الدولة السورية خلال سنوات ما قبل الحرب الكونية، وما وصلت إليه من مستويات معيشية لمختلف شرائح المجتمع، فغالبية المواطنين يعيشون ببحبوحة، قياساً لما يحدث الآن..!.
لكن هذا الأمر لم يرق للكثير ممن يتربصون شراً بالدولة، ومواطنيها على المستويين الدولي والمحلي، والثاني هو الأخطر بكل المقاييس، فكانت الحرب الكونية على سورية، والتي رسمت خيوطها خلال سنوات العز التي أشرنا إليها، وترافقت معها عقوبات اقتصادية وحصار يتميز بأنه الأخطر والأقسى في تاريخ البشرية، والنتائج على مرأى ومسمع الجميع.
وبالتالي يخطئ من يظن أو يمعن في إلقاء اللوم على الدولة السورية، فيما وصلت إليه من تردٍ في الحالة الاقتصادية دون النظر إلى ما ذكرنا، مع الإقرار بأن هناك سياسات وإجراءات وقرارات كثيرة اتخذتها الأجهزة التنفيذية سواء من قبل الحكومة أم من قبل الوزارات والمؤسسات الحكومية، لم تتماش مع حجم الخطورة، ولا تقارب مستوى المسؤولية في المعالجة، لأسباب معظمنا يعرفها تدخل في حسابات المصلحة الشخصية، وحالات الفساد التي تراكمت ونمت بصورة متسارعة مع الأحداث، والتي فرضت واقعاً جديداً، يدفعنا أهله إلى الاعتقاد بأن الأمور والحلول لن تسير إلا بهذه الصورة، والحقيقة حساباتهم فرضت شيئاً من الصح على أرض الواقع، بدليل ما يحدث في أسواقنا المحلية من ارتفاعات سعرية، وحالة الجنون التي تعيشها، وتغذيها أسعار صرف العملات الخيالية والتي غالباً ما تكون وهمية، يفتعلها أهل التجارة على اختلاف شرائحهم، حيث لا تتم حركة بيع أو شراء إلا ويربطونها “بدولار الوهم ” وسياسة التقريش التي أرهقت ليس المواطن فحسب بل خزينة الدولة، وحقل التجارة الشريف الذي يحاول السيطرة على الأسواق بصورة منطقية.
لكن للأسف لغة الفساد والتي عامودها الفقري “شبكة من التجار” نمت على كتف الأزمة، لابل في قلبها، وشكلت هاجساً يومياً في أعمالها للحكومة وأدواتها التنفيذية، والأصل من تجار الوطن الشرفاء الذين ضاقت رقعة سيطرتهم، تحت ضغط الظروف، وما تحمله من نقص في الإمكانات المادية والبشرية لمعالجة مفرذات الأزمة، وخاصة المعيشية التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة بصورة خرجت بها عن سيطرة الدولة وأدواتها التنفيذية.
لذلك مسرحية الأمس القريب، كانت صحيحة بكل مفرداتها وما تحدث عنه رئيس الحكومة لم يكن غائباً عن معرفة كل مواطن، ولاسيما لجهة تحمل الدولة مسؤولياتها في التعليم والتربية والزراعة والصناعة والاستمرار في تأمين رواتب وأجور العاملين بالدولة وفق الامكانات المتاحة وغير ذلك من مسؤوليات.
إلا أن النتائج لم تكن بحجم المشكلات والحلول لا توازي خطورتها، أو حتى تلبي القليل من الطموح لأسباب خارجة عن الإرادة في مقدمتها: مفاعيل الأزمة الحالية والحصار الاقتصادي والعقوبات وتأثيراتها السلبية التي فرضت حالة من التراجع في العملية الإنتاجية على كافة المستويات وارتفاع تكاليف النقل، وجنون الأسعار وهذه ليست في سورية فحسب بل في معظم بلدان العالم، إلا أن سورية الأكثر تضرراً وتأثراً من غيرها، لسبب قوامه مفردة واحدة(الحرب والحصار) وأدواته سرقة مقدرات الدولة من قبل الاحتلالين الامريكي والتركي وأعوانهم بالمنطقة.
وبالتالي هذا الأمر شكل أهم الأسباب التي أوصلت معيشتنا إلى هذا المستوى من المتدني، إلى جانب خطورة تجار الأزمة الذين يتركز في حوزتهم كتلة رأس المال الوطني، مع ”بعض الأخطاء في السياسة الحكومية المتبعة وفي تنفيذ الأجندة الاقتصادية والاستثمارية وحالات الفساد التي فاقت كل التصورات حتى في أبسط مقومات العمل الحكومي“.
وبالتالي الخروج من هذه الأزمة يكمن في أمرين اثنين: الأول تعزيز قوة الإنتاج المحلي وتعظيم الفائدة منه من خلال توفير المستلزمات وحوامل الطاقة بما يلبي حاجة السوق المحلية، والثاني هو تعزيز للأول يكمن في مكافحة تجار الأزمة وفسادهم واستعادة ما نهبوه خلال سنوات الأزمة وفق التشريعات القانونية، وبالتالي هذا الأمران يؤسسان لسبب ثالث وهو الأهم تأمين القوة لاستعادة ما يسلبه ويسرقه الأمريكان والأتراك من خيرات البلد، وغير ذلك تستمر المسرحية التي قدمت في الأمس القريب في مجلس الشعب وتستمر معها خيبات الأمل للمواطن السوري، فهل نشهد بعض التنفيذ خلال الأيام القادمة..؟.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة