هواجس من رفع أسعار بعض السلع المدعومة… خبير اقتصادي لـ«غلوبال»: الاقتصاد الراهن يحتاج إلى دعم وتنشيط
خاص دمشق – مادلين جليس
يبدو أن رفع أسعار بعض السلع المدعومة مؤخراً خلق هاجساً من رفع أسعار سلع أخرى، فالمسلسل بدأ برفع سعر البنزين الحر، ورفع سعر الاسمنت والغاز المنزلي والصناعي، والسؤال أين سيصل..؟
فعلى الرغم من غياب الحديث عن الدعم لأكثر من ستة أشهر، إلا أن الموضوع استحوذ على الاهتمام الحكومي، إضافة إلى عقد جلسات بهذا الخصوص كما يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمد لـ«غلوبال» إذ يرى بأن معرفة المواد التي قد يرفع عنها الدعم مرهون باللجنة الاقتصادية.
مدعومة بأثر بسيط
فالمواد التموينية أصبحت معدودة وكمياتها أيضاً قليلة، وبحسب الدكتور محمد فإن المخصصات من مادتي السكر والأرز لا تكفي ثلث حاجة الأسرة وتقل عن ذلك بكثير، بغض النظر عن توزعها على ثلاث دورات تموينية خلال العام الواحد، وبالمقابل يؤكد محمد بأنه في حال حساب متوسط الدخل الأسري الشهري فإن هذه المواد أي السكر والأرز يضاف لها البرغل أصبحت غير مؤثرة، وأصبح أثرها بسيطاً.
ويتطرق الدكتور محمد إلى المادة المدعومة الأكثر تأثيراً من حيث الاستهلاك الكبير للأسرة السورية منه، ويرى بأن الدعم الذي يقدم لهذه المادة مقارنة بالأسعار في الأسواق جيد، فكل شخص يستطيع أن يرى البيع خارج الأفران بسعر ألفي ليرة لربطة الخبز دون أن نعرف سبب هذه التسعيرة ومصدرها مقارنة ب200 ليرة في الأفران.
المحروقات.. معضلة
وفيما يتعلق بالمحروقات من مازوت التدفئة والغاز والبنزين، يشير محمد إلى أنه حتى الآن مازوت التدفئة يعتبر مدعوماً بشكل جيد، لكن رفع الدعم عنه سيسبب مشكلة كبيرة كونه يشكل الجزء الأكبر في التدفئة. وعلى الرغم من أن الأسرة السورية لاتستطيع تحصيل أكثر من خمس عبوات من الغاز في العام الواحد، إلا أن رفع سعره أكثر مما رفع في المرة الماضية أي أكثر من 15 ألف ليرة سيشكّل ندرة في المادة، ولكنً العبء الكبير ليس فقط بالنسبة لرفع سعر الغاز، بل أيضاً في رفع سعر البنزين، ورفع الدعم عن مزيد من الأسر بمعايير معينة.
آثار كلية
لكن الأهم من كل ذلك هو أن كل ماذكر سابقاً عبارة عن آثار فردية على مستوى الأسرة السورية، لكن بالمقابل يجب الانتباه إلى الأثر الكلي على مستوى الاقتصاد السوري عند رفع أو تحرير سعر البنزين أو المازوت، فرفع سعر هذه المواد سيدخل في تكلفة كل المواد الأخرى.
وأضاف محمد: لا ننسى أن الحديث عن رفع سعر البنزين يدخل في سعر النقل في العربات الصغيرة، كما أن رفع سعر المازوت سينعكس على المواصلات ككل سواء لموظفي القطاع العام أم الخاص على حد سواء، إضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل للمواد بين المحافظات أو داخلها. وأكد محمد بأن فرضية تحرير الأسعار ستكون ذات أثر ضار جداً على الاقتصاد السوري على الأقل في الفترة الحالية وربما المستقبلية قصيرة الأجل، ويمكن القول إن الوضع الاقتصادي بحاجة لتنشيط ودعم.
زيادة مرتقبة
وحول ما يشاع حول زيادة الرواتب والأجور، بين محمد بأنه إذا تم رفع الأسعار أو تحريرها فلن تستطيع الزيادة تحقيق أهدافها، وبالمقابل فإن الزيادة هي حاجة أساسية وإنسانية واجتماعية فلا يمكن لأي أحد المطالبة بعدم تحققها.
وأضاف محمد: السؤال الدائم عند توجيه النقد لتحرير الأسعار ورفع الدعم وغيرها ومصادر زيادة الأجور يتمحور حول إيجاد الحلول البديلة لذلك، والحلول موجودة تبدأ من تفعيل الشعار العريض التي أطلقته الحكومات المتعاقبة وهو تفعيل منظومة الإنتاج.
لكن ذلك غير متحقق فالإنتاج غير موجود ولا توجد شركات تبدأ بالعمل، وحتى الشركات القائمة متوقفة ولا تعمل بشكل جيد، بالتالي فإن الضرائب منخفضة، والتهرب الضريبي كبير، وإيرادات الجمارك تنخفض كل ذلك يجعل الإيرادات ضعيفة جداً.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة