ورقة المقاطعة الفاعلة…متى يرفعها العرب؟!
خاص حلب – رحاب الإبراهيم
كل يوم يستمر فيه العدو الإسرائيلي بحربه على قطاع غزة المحاصر تزداد معه خسائره على كافة الصعد، فحسب وسائل إعلامه كل يوم يكلفه مليار شيكل للإنفاق العسكري، التي يطالب بزيادة قيمته، مع أن أمريكا والدول الغربية لا تتردد في تقديم الدعم المطلوب حرصاً على مصالحها في منطقة الشرق الأوسط دسمة الخيرات وليس كرمى لعيون الإسرائيليين كما يدعون.
خسائر العدو المتزايدة أكدتها وزارة ماليته عندما أعلنت أن الحرب كلفت بالأسابيع الثلاثة الأولى ميزانية قدرها 30 مليار شيكل “7.5 مليارات دولار”، وطبعاً لا تشمل المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة والأضرار المباشرة وغير المباشرة التي تكبدها النشاط الاقتصادي، حيث قدرت الأضرار التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد الكيان بـ 10 مليارات شيكل “2.5 مليار دولار”، الذي يتوقع ارتفاعه بعد زيادة حجم الإنفاق الإجمالي مع استمرار رحى الحرب، ما يهدد اقتصاد العدو بمزيد من التدهور وخاصة مع اتساع نطاق استهداف المقاومة الفلسطينية واللبنانية لجميع المستوطنات في فلسطين المحتلة، التي تعيش حالة شلل كامل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتحديداً بعد تضرر قطاع السياحة الذي كان يرفد خزينة العدو بإيرادات ضخمة، فالفنادق أصبحت خاوية من السياح وعجت بدلهم بالإسرائيليين “اللاجئين” القادمين من الجانب الآخر الأكثر استهدافاً، مع العلم بأن حكومة الكيان ستدفع مبالغ كبيرة للمتضررين من المستوطنين، كما تضرر قطاع البناء والتشييد والتكنولوجيا والصناعة، إضافة إلى استمرار إغلاق المطارات الرئيسية وإلغاء شركات الطيران معظم رحلاتها إلى فلسطين المحتلة وتعطل عمل مئات الشركات في مجالات مختلفة ومنح إجازات لعشرات الآلاف من موظفيها، والأمر ذاته ينطبق على القطاع التجاري، إذ خلت مثلاً المطاعم والمتاجر من الزبائن، إضافة إلى نقص إمدادات الغذاء وإغلاق قطاعات حيوية تدر له أموالاً ضخمة كإغلاق حقل رئيسي للغاز، وهذا كله من شأنه زيادة الضغط على حكومة حكومة نتنياهو التي كانت تعاني أساساً قبل الحرب مشاكل كثيرة وصراعات داخلية.
هذا الواقع الاقتصادي المأزوم سيؤدي حكماً إلى استمرار انخفاض قيمة الشيكل، الذي يعيش أسوأ أيامه منذ عام 14 عاماً، مع توقعات أيضاً بانخفاض الناتج الإجمالي للاقتصاد الإسرائيلي بنحو 15%، مع تواصل حدة الحرب، ومبادرة دول أجنبية قبل الدول العربية بخطوة إغلاق السفارات، وإن اتخذت الأردن هذه الخطوة المتأخرة، لكن كما يقال أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي أبداً، مع إجراءات أخرى لدول عربية لكنها لا تزال خجولة ولا تقارن بحجم الحرب الظالمة على أهل غزة، وإن سجلت الكويت موقفاً متقدماً وخاصة عند المقارنة بموقف دول الخليج المتخاذل.
الحرب الاقتصادية لا تقل تأثيراً من العسكرية على الكيان الصهيوني، ما يفترض تفعيل هذا الخيار ومنحه الزخم المطلوب لإجباره على إيقاف حربه ضد المدنيين، بالتالي في حال مبادرة الدول العربية والإسلامية تحديداً على استخدام ورقة سحب السفراء وإلغاء التطبيع والمقاطعة السياسية والاقتصادية عبر فرض حظر على النفط مثلاً، وتفعيل مكتب مقاطعة إسرائيل التابع للجامعة العربية، سيحدث ذلك تبدلاً إجبارياً وخاصة مع تغير الرأي العام العالمي اتجاه هذا الكيان وتؤيده لقضية فلسطين المحقة، وهذا الأمر وحده سيلتزم من العدو الإسرائيلي بعد انتهاء الحرب دفع مليارات الدولارات من أجل تغيير صوره المشوهة، وهنا نتساءل بعد مضي شهر على العدوان الإسرائيلي إلى متى ستنتظر الدول العربية حتى تستفيق وتتخذ موقفاً صارماً اتجاه جرائم الكيان الصهيوني، أقله عبر ورقة المقاطعة السياسية والاقتصادية إذا لم تكن ترغب بتقديم الإمدادات العسكرية كما تفعل أمريكا، على نحو يدفع قادة العدو إلى النزول عن الشجرة وإيقافهم حرب الإبادة الجماعية، فهل يفعلها العرب أم سيبقون نيام متخلين عن دورهم الفاعل واستعادة مسؤولية إدارة شؤونهم وخيراتهم بدل إبقائها تحت رحمة دول غربية لا تتردد في قتلنا ووصفنا بالحيوانات البشرية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة