وماذا بعد الاعتراف المذهل بالتقصير؟
خاص غلوبال ـ علي عبود
لايمكن اكتشاف الحجم المرعب بالتقصير في مكافحة الحرائق التي تلتهم ثروتنا الحراجية إلا من الجهة المسؤولة عن حمايتها، أيّ وزارة الزراعة، وقد هالنا ماكشفت عنه مديرية الحراج من معلومات تُعرّي كل الوزارات المعنية بتنفيذ خطة الإنذار المبكر التي زعمت على مدى السنوات الماضية أنها وفرت مستلزماتها للحد من حرائق الغابات.
سألنا سابقاً: أيهما أجدى.. تأمين مستلزمات خطة حماية الغابات مهما بلغت تكلفتها، أم خسارة مساحات واسعة جداً منها عاماً بعد عام، لايمكن تجديدها قبل عشرات السنين بفعل الإهمال والتقصير بتأمين تجهيزات الإنذار المبكر؟.
بات مألوفاً بعد سلسلة الحرائق التي تندلع سنوياً أن تستنفر الحكومة ويُسرع عدد من الوزراء والمحافظين للإشراف المباشر على عمليات إخماد النيران ومنع انتشارها إلى مساحات أكبر، كما بات مألوفاً تصريحاتهم التي تجزم أن مستلزمات مكافحة الحرائق متوافرة، ويكررون بأن الحكومة اتخذت كل الإجراءات التي ستمنع من زيادة عدد الحرائق في الأعوام القادمة.
وفي كل عام نكتشف مزيداً من التقصير بتنفيذ أيّ خطة لمكافحة الحرائق، كما حدث هذا العام، فموجة الحرائق امتدت لمساحات واسعة من الأراضي الزراعية والحراجية في عدة محافظات، وكان بعضها قاسياً جداً، وامتدت النيران إلى عدد من القرى ما اضطر سكانها إلى النزوح منها حفاظاً على أرواحهم، وكان هذا مؤشراً إن وعود وأقوال الجهات المسؤولة في الأعوام السابقة لم يُترجم أيّ منها إلى أفعال.
وكان ملفتاً جداً المكاشفة الصريحة والمباشرة التي تحدّث من خلالها مدير الحراج في وزارة الزراعة الدكتور علي ثابت، والتي كشف فيها النقص المرعب في مستلزمات مكافحة الحرائق وأبرزها: مجموعة من المباني ومخافر الحراج وأبراج المراقبة خارج الخدمة بعضها يحتاج إلى إعادة تأهيل، وبعضها يحتاج لإعادة البناء من الصفر..إلخ.
السؤال: من المسؤول عن إهمال وعدم جاهزية مستلزمات تنفيذ خطة الإنذار المبكر عن الحرائق؟.
يحيب مدير الحراج: لاتوجد اعتمادات مالية لتنفيذ خطة مكافحة الحرائق،كما كشف عن نقص كبير بإطفائيات الحرائق وبالصهاريج والتزويد بالماء، وعدم جاهزية مراكز حماية الغابات وأبراج وكاميرات المراقبة والمناظير الليلية، بالإضافة إلى الإمكانات الضعيفة لدى فرق الإطفاء كالعدّة واللباس ونقص التدريب والتأهيل..إلخ.
وبعد أن كشف مدير الحراج عن هذا الواقع المؤلم والقاسي جداً لمستلزمات مكافحة الحرائق، هل نتوقع أن لاتندلع النيران في حراجنا وغاباتنا على مساحات واسعة عاماً بعد عام سواء كانت طبيعية أم مفتعلة أم بسبب الإهمال..إلخ؟.
ولولا الهطولات المطرية التي ساهمت بتجاوز 80 % من مخاطر الحرائق لاستمرت النيران بالتهام الغابات بفعل التقصير بتأمين مستلزمات خطط الإنذار المبكر ومستلزمات فرق أفواج الإطفاء.
حسناً، استنفرت الحكومة مجدداً وناقشت الإجراءات المطلوبة لتنفيذ خطة الإنذار المبكر عن الحرائق وأصدر رئيسها قراراً بتكليف الوزارات والمحافطين بمتابعة التنفيذ، لكن سيكتشف الجميع سريعاً بأن ترجمة الإجراءات والقرارات تحتاج إلى إمكانات مالية، وبالتالي لن تُنفذ أي خطط مالم يُكلف رئيس الحكومة وزير المالية بترؤس تنفيذ خطة الإنذار المبكر وتأمين مستلزمات أفواج الأطفال، أي تأمين كل مايلزم للحد من الحرائق ومنع انتشارها في الأعوام القادمة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة