2 مليون ليرة وسطي تكاليف بناء متر مربع على الهيكل… خبير في الاقتصاد الهندسي لـ«غلوبال»: أسعار العقارات الجاهزة متدنية مقارنة بالتكلفة وبالأسعار قبل الحرب
خاص دمشق – بشرى كوسا
يشهد سوق العقارات في سورية ارتفاعاً حاداً جراء ارتفاع أسعار مواد البناء التي ازدادت بنسبة مئة بالمئة مقارنة بالعام الماضي، ما جعل فكرة امتلاك منزل بمثابة الحلم بعيد المنال.
وفي جولة لمراسل «غلوبال» على واقع أسعار مواد البناء، سجل سعر طن الحديد حوالي 12 مليون ليرة، وطن الاسمنت حوالي مليونين ونصف المليون ليرة، كما بلغ سعر متر البحص والرمل نحو 200 ألف ليرة، وتكلفة متر نجارة الباطون مع صب ما يقارب الـ 150 ألف ليرة.
ووسطياً فإن تكلفة المتر المربع على الهيكل لا تقل عن مليوني ليرة، كما يمكن أن ترتفع هذه التكلفة في حال كان البناء مرخصاً ونظامياً ويلحقه أقبية ووجائب، ومع إضافة تكاليف الإكساء تتضاعف التكلفة لتصل إلى 5 أمثالها على الهيكل نتيجة تنوع واختلاف المواد الداخلة في إكساء المنزل، وبالتالي فإن تكلفة بناء منزل مساحة 115 متراً تقريباً تصل إلى 400 مليون ليرة دون حساب سعر الأرض التي تختلف حسب المنطقة.
الخبير في الاقتصاد الهندسي الدكتور محمد الجلالي أكد بأن أهم أسباب الغلاء تعود لارتفاع مواد البناء من الحديد والإسمنت، حيث تعد معامل الإسمنت مستهلكاً كبيراً للطاقة نظراً لأن المادة الأولية تحتاج لكميات كبيرة من الوقود التي تسجل ارتفاعات كبيرة بشكل مستمر، وبالنسبة للحديد، فالمادة الأولية منه مستوردة وهي تحدد تكاليفها وفقاً للسعر العالمي.
وفي تصريح لـ«غلوبال» لفت الجلالي إلى أن ما يتحكم بسعر العقار هو قوة العرض والطلب، فالعرض تحكمه التكلفة بالنسبة للعقارات الجديدة، أما الطلب فيحكمه الدخل وليس التكاليف.
وشدد الجلالي على أن أسعار العقارات الجاهزة حالياً متدنية مقارنة بالتكلفة، ومقارنة بالأسعار قبل الحرب وفي بدايتها، مؤكداً بأن سبب التدني يعود لانخفاض مستوى الدخل، وبالتالي عدم وجود طلب على سوق العقارات.
وبالنسبة للإيجارات، فهي تخضع للمقاربة نفسها وتعد منخفضة أيضاً رغم تضاعفها منذ نحو عشر سنوات لليوم، ولكن القيمة الشرائية لليرة تناقصت بشكل كبير مقارنة بالأسعار وإيجارات العقارات.
وأكد الجلالي بأن سوق العقارات في حركة مستمرة لايمكن أن تنعدم، ولكنها في حدودها الدنيا الآن، مشيراً إلى أن كمية العرض من العقارات أكبر بكثير من تلك المطلوبة للشراء في ظل عدم وجود طلب عليها.
وأشار الجلالي إلى أنه بمقارنة واقع الأجور والرواتب بين عام 2009 واليوم فإنه حتى يتمكن الموظف من الحصول على قرض لشراء منزل يجب أن يكون راتبه حوالي 30 مليوناً حتى يتمكن من تخصيص 10 ملايين ليرة لسداد قرض كثمن لعقار.
وحول المشكلات التي تواجه سوق العقارات، نوه الجلالي إلى أنها مشكلة بعض من كل، فالاقتصاد السوري يعاني عقوبات وحصاراً ونقصاً في موارد الطاقة وغيرها، وبالتالي تنجم عنها مشكلات فرعية تؤثر على القطاعات الحيوية الفرعية الأخرى.
ولفت الجلالي إلى أنه من الصعوبات الأخرى التي يجب الإشارة إليها، اعتماد النظرية الاقتصادية السائدة والتي تقوم على قرارات اقتصادية انكماشية تهتم بفرض المزيد من الضرائب وإعاقة الاستيراد مقابل التصدير، بينما من المفترض التوجه نحو مزيد من الانفتاح الاقتصادي وتشجيع الاستيراد والتصدير لتنشيط الحركة الاقتصادية.
مضيفاً: إن عملية التنمية وإعادة الإعمار تبدأ في اللحظة التي يتوقف فيها تراجع المؤشرات الاقتصادية، فالسوريون يملكون كميات كافية من المدخرات داخل البلد وخارجه رغم تآكل بعضها، ولكنها تحتاج إلى بيئة اقتصادية مستقرة لإعادة تنشيط حركة الاستثمار ككل، وبالتالي تتحسن الدخول وينعكس ذلك سوق العقارات والبناء.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة
