عقم الإدارات وعقدة البديل..!
خاص غلوبال – سامي عيسى
حقائق مهما حاولنا التغاضي عنها، أو اتبعنا أساليب وقصص، تحمل الكثير من عمليات التجاهل للطاقات الشابة، وخاصة الوافدة إلى سوق العمل “الإنتاجي بالتحديد” فإننا لا يمكن تجاهل أهميتها، والدم الجديد الذي تحمله، والذي يشكل قوة ثابتة ومتطورة لأي اقتصاد تتأقلم مع ظروفه، وتحاكي المستجدات والتطورات وتسخيرها لخدمة المنتج وبيئته.
ونحن في سورية للأسف الشديد، كل الأسباب والظروف، منها الموضوعي كالحرب والحصار وعقوباته، ومفرداتها السلبية على الواقع بكل تشعباته، ومنها المفتعل أو ما نسميه من ” صنع اليد” أخطرها وضع الخبرة في غير موضعها، أو الشخص المناسب بعيداً عن مكانه، دون أن ننسى محاربة الإدارات لبعضها، وقتل مواهبها، الأمر الذي فرض معادلة ليست بالجديدة، بل تمتد في جذورها إلى عقود من الزمن على أرض الواقع، وإحداث فراغ كبير في صفوف القيادات وخاصة الثاني منها والثالث، وصولاً الى الأكثر خطور ” تطفيش الكفاءات والخبرات” التي نمت على كتف القطاع الحكومي، تارة تحت ضغط الحاجة، وأخرى سياسة الإدارة في الصفوف الأولى، لدرجة أن أي عملية تغيير في الشركات المنتجة وغيرها، عقبة البديل ترهق تفكير المسؤولين لأن نتائجها كارثية لجهة فقدان الخبرة والكفاءة في العمل، ليس لعدم وجودها، بل لسياسة الاستبعاد التي اعتمدتها الإدارات السابقة ومازالت لها ووضعها في مكاتب ودواوين الوزارات، والمؤسسات وحتى الشركات التي هي بأمس الحاجة لها.
والأمر الذي يؤسس لحالة سيئة في هذا المجال، أنه حتى هذا التاريخ رغم “الملمات والصعاب والحاجة لها” مازلنا لا نولي الاهتمام المطلوب لهذه الخبرات، أو وضع نظام خاص يتماشى مع تطورات العلم، والتكنولوجيا وتقنية الإنتاج، ويسمح باستثمار الطاقات الشابة، أو الاستثمار بالعقل البشري الذي يؤمن ديمومة دوران عجلة الإنتاج، والذي يشكل بدوره القوة الحقيقية للاقتصاد الوطني، فكيف إذا كانت العقول الشابة والمندفعة إلى سوق العمل هي العصب المحرك لهذه القوة..
وأكثر الأدلة التي تحضر الآن في ذاكرتنا هي مئات الاختراعات والإبداعات التي تحميها مديرية حماية الملكية في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهي من إنتاج عقول بشرية قادرة على الابتكار والإبداع بصورة متجددة، لكنها بحاجة للترجمة والفعل الاستثماري، وهذا متوافر لدى أصحاب رؤوس الأموال “الجبانة” التي تستسهل استثماراتها في مشاريع استهلاكية سريعة المردود، وهذه أكثر الأسباب خطورة لأنها تضع “العصي بالعجلات” وتمنع استثمار الإبداعات وتعرقل تطوير الأداء الإداري، لأن الإدارة التقليدية هي مركز حمايتها، والعقل المنفتح والمتطور، أهم عوامل الخطورة عليها ويهدد سلامة بقائها، لذلك قوة رأس المال المحلي ” الجبان” يفعل فعله للحفاظ على الإدارة التقليدية، وإبعاد الطاقات الشابة عن مواقع الإدارة والقرار.
وبالتالي ما نشاهده من هروب وتطفيش لهذه الطاقات بما فيها خبرات “الميدان” مخطط يقوده رأس مال جبان، وإدارات تخشى على مصالحها وفسادها، وهذه أخطر مشكلات القطاع العام المتخم بمشكلات الإدارة ونقص الخبرات والكفاءات، ونقص البدائل الإدارية، والأكثر خطورة عقم الإدارات الحالية التي تمنع ولادة إدارات قادرة على تحمل المسؤولية وفق متطلبات كل مرحلة.
والسؤال إلى متى تبقى الإدارة في سورية رهينة العقم ومعدومية البديل..؟!
القادم من الأيام يحمل الكثير من الأجوبة، وهذه أهمها..!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة