الأيادي المرتجفة والإصلاح المرتقب!
خاص غلوبال – هني الحمدان
ثقافة سائدة بين الإدارات وعند بعض المسؤولين، تنم عن واقع لا يسر الخاطر أبداً، توحي بأن مشكلات واقعنا وقطاعنا العام ستبقى متسيدة، عندما تسمع كلام لمسؤول عن أي أزمة أو مشكلة أو قرار، ما يشعرك بعدم قناعته وقنوطه بالآليات حتى التي ساهمت بإصدار هذا القرار، فإذا كان وزير غير مقتنع ويشير إلى إشكاليات تشوب آليات صنع القرار الحكومي، فما الصورة وكيف تنعكس على المواطن وكيف سيقتنع بهذا القرار،كل مسؤول وزير أو مدير يقذف بالكرة بعيداً، وأن هكذا أوضاع يجب الخوص بالجزئيات.
عدم تحمل المسؤولية والابتعاد عن اتخاذ القرار الصائب في المكان المناسب والتوقيت الصحيح لا يصنع تقدماً أو إصلاحاً، وسيبقى القطاع العام يرزح تحت نير الترهل والنمطية..
واحدة من أكثر التحديات والاختلالات المزمنة التي “تعشعش” في القطاع العام هي التردد في اتخاذ القرارات السليمة والرشيدة في وقتها المحدد، فالأيادي المرتجفة أصبحت سمة تلازم معظم من يتولى المسؤولية العامة بأشكالها ومستوياتها المختلفة.
منذ سنين طويلة، نسمع من جميع الحكومات وعلى ألسنة وزرائها عن إطلاق مشاريع وخطط وبرامج وإجراءات متعددة في إطار عمليات الإصلاح المنشود، وهذا الأمر يتردد دائماً في كل المناسبات والخطابات الإعلامية، ما جعل المواطن يفقد الثقة في هذا الخطاب المتكرر من حين لآخر، وهو ما يدل على فراغ المحتوى وضعف التنفيذ واتخاذ القرار التنفيذي السليم، لأسباب تتعلق بطبيعة الموظف العام وكيفية وصوله لهذا المنصب الذي بات يشغله في الوقت الراهن.
نعم..يعتبر الارتجاف في الأيادي مشكلة حقيقية في تأخير تنفيذ المشاريع وعمليات الإصلاح، لأنه يشير إلى عدم القدرة على اتخاذ القرارات وتنفيذها بسرعة وثقة، وحالة الأيادي المرتجفة تسللت إلى القطاع العام وهي موجودة منذ زمن طويل عند مسؤولين، وربما وزراء عرفوا كيف تمشي الأمور، ليحافظوا على مكاسبهم من وراء كراسيهم، وبفعل انتشار الواسطة في التعيينات، التي ملأت بعض مؤسسات الدولة المختلفة بآلاف الموظفين الذين تم تعيينهم في “بالبارشوت” بأوقات سبقت والذين تميزت غالبيتهم بضعف الإدارة والقدرات عند المسؤولين، وفقدانهم للمهارات اللازمة والدعم اللوجستي لتنفيذ المشاريع والإصلاحات بكفاءة، ما أدى إلى تراجع في الأداء وتأخير في التنفيذ.
انتشار مظاهر الفساد الإداري والتلاعب بإجراءات المتعاملين والمواطنين في مختلف الدوائر الخدمية، وعدم الشفافية في التعامل والتلاعب هما سببان رئيسان لتعثر عملية التنفيذ، ويؤدي هذا الفساد إلى استغلال المشاريع لأغراض شخصية وتأخير التنفيذ من أجل تحقيق مكاسب غير مشروعة.
للتغلب على هذه المشكلة، هكذا مسائل موجودة والكل يتجنبها ويخوض بتفاصيلها، صحيح صارت واقعاً، ولكن ألم يحن الوقت بعد لنضع المسؤول الكفؤ نظيف الكف قوي الإرادة وصاحب القرار الصحيح، مع التركيز على صنع كوادر مدربة مؤهلة، لا أن نقيم ورشات عمل من أجل الصرفيات التي تذهب لجيوب القلة القليلة..
تعزيز أسس لاستراتيجيات فعالة لتعزيز الإدارة وزيادة النزاهة والشفافية، ضرورة كبرى، كما أن الموضوع يتطلب تعزيز التعاون بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني وزيادة المشاركة الشعبية في عملية صنع القرارات، بالإضافة إلى ذلك، يجب وجود إرادة حقيقية ودعم قوي من الحكومة والقادة لتحقيق الإصلاحات وتسهيل تنفيذ المشاريع بكفاءة.
للقضاء على حالة الأيدي المرتجفة في القطاع العام، يتعين أخذ عدد من العوامل بعين الاعتبار واتخاذ إجراءات فعالة أهمها تعزيز سيادة القانون ونشر ثقافة المسؤولية والتقسيم الفعلي الحقيقي الذي يكافئ المنجز ويعاقب المسيء، حينها سيشعر الجميع بالتساوي في الفرص الحقيقية المشروعة البعيدة عن التدخلات والواسطات الضيقة المبنية على أطر المصلحة الشخصية لا أكثر.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة