الحفاوة الصينية بالأسد ترفع “ضغط” الأمريكي
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
يبدو بأن الإدارة الأمريكية لم تستطع كتم غيظها وانزعاجها من زيارة السيد الرئيس الأسد إلى الصين لأن تبادل الزيارات بين قادة الدول يعني التواصل والتنسيق والتعاون، وهذا ما ترفضه الإدارة الأمريكية حتى وإن تم بين قادة تعتبرهم أصدقاء لها، فهي تريد أن تتعامل بالمفرّق وتكره تجارة الجملة في السياسة، تريد أصدقاء لها لا يتفقون فيما بينهم والأفضل أن يتناحروا بالسلاح كي تمثل دور الإطفائي الذي لا يستخدم الماء أوالتركيبات الكيمائية، وإنما تتظاهر بإطفاء الحرائق بمزيد من القش والهشيم كي تثور النيران وتزداد الحاجة إلى مزيد من السلاح وتتحقق مصالح الشركات الكبرى الأمريكية التي تقرر من خلف الستار الرئيس الذي ينفذ ما تريده تلك الشركات العملاقة.
والإنزعاج الأمريكي قد يرفع الضغط والسكر عند بايدن إذا حاول الحديث عنه وذاكرته لا تسعفه بالتعبير الدقيق عمّا تريده “الدولة العميقة”، لكن لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس لم تستطع إلا أن تعبّر عن استيائها من الزيارة ومن استيائها الأشد من الخطوة الصينية واللفتة الترحيبية من الرئيس الصيني شي جين بينغ ومن الصينيين الآخرين الذين أظهروا كل علائم المودة والتقدير للرئيس الأسد.
ومن المرجّح أن يتصاعد الإنزعاج الأمريكي ليس بسبب توقيع الإتفاقيات الاقتصادية كترجمة سريعة للشراكة الإستراتيجية التي أعلنها الرئيس جين بينغ في اللحظات الأولى للقائه الرئيس الأسد فقط، وإنما لأن هذه الزيارة استغرقت مدة طويلة أكثر مما تحتمله واشنطن الحاقدة على سورية والصين وعلى كل من لا يخضع لإملاءاتها الهدّامة.
صحيفة نيويورك تايمز ذهبت أبعد من ذلك، حيث اعتبرت أن الترحيب الصيني يأتي ترجمة للعلاقات المتميزة بين “الصين وروسيا وإيران وسورية”، ومع كل الدول التي تقف ضدّ النفوذ الأمريكي، وهذا ما يدفع الصين لعقد الشراكات الإستراتيجية مع دول الشرق الأوسط التي شكلت فيما مضى ملعباً مريحاً للنفوذ الأمريكي.
والخطورة أيضاً استشعرتها الإدارة الأمريكية عندما أكدت الصين قدرة دبلوماسية (قد تكون خطرة) عندما أنهت وساطتها القطيعة السعودية الإيرانية، ونجحت جهودها في تطبيع العلاقات بين البلدين، وأنهت تأثير التحريض الأمريكي الذي كاد أن يُشعل مواجهة عسكرية مباشرة في المنطقة.
وما زاد في طنبور الإنزعاج الأمريكي نغماً بأنه من المستبعد أن تضع الصين شروطاً سياسية لدعم سورية في عملية إعادة الإعمار التي حاولت أمريكا تعطيلها بفرض العقوبات.
نعم لقد ضربت الصين سرب عصافير في حجر واحدة لكن أثمن تلك العصافير أنها تسحب البساط من تحت أقدام الأمريكان في منطقة تعتبر مركزاً للنفوذ التقليدي الأمريكي، وكشفت حقيقة أمريكا التي تخلق الأزمات وتعرقل حلها، فيما استطاعت الجهود الدبلوماسية لبكين أن تحل واحدة من أهم المشكلات التي عانت منها المنطقة بعد الظن أن حلها مستحيل.
قافلة العلاقات الإستراتيجية السورية الصينية تم وضعها على السكة الصحيحة ولم يعد عواء الكلاب الأمريكية يستطيع عرقلتها، أما الاستياء الأمريكي فهو طبع لم يخترعوا له أدوية أو لقاحات حتى الآن.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة