الإنسانية جمعاء تحتضر بغزة…مئات المعمدين بدمائهم في مشفى المعمداني

خاص غلوبال – شادية إسبر
في فلسطين فقط، حيث سُفك دم المسيح على يد مجرمي عصره، اليوم يتعمّد الفلسطينيون بدمائهم في مستشفى المعمداني بغزة على يد مجرمي العصر.
جريمة لم يحدث في التاريخ ما يقاربها بشاعة، ولم نسمع أن حدث مثلها، حتى أننا لم نتخيل يوماً أنها ستحدث، والفاعل يعترف ويؤكد بأنه من ارتكب الجريمة بكل وقاحة الإجرام المتأصّل فيه، فمسؤولو الكيان الإسرائيلي تحدثوا علناً على وسائل إعلامه، بضرورة استهداف المشافي، حيث التجأ الأطفال والنساء من أهالي غزة إلى ساحاتها، ظناً منهم بأنها أماكن آمنة محمية بالقانون الدولي الإنساني من قصف إسرائيلي وحشي لم يترك لهم أي مكان يلتجئون إليه في القطاع المحاصر، كما أنها تكتظ بجرحى عدوانه المتواصل منذ 11 يوماً.
بعد أقل من 24 ساعة من إفشال الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مشروع قرار روسي إنساني لوقف القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وفتح ممرات إنسانية للمدنيين، وبعد ساعات من اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي بحضور وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، وقبل وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة بساعات، ترتكب “إسرائيل” هذه المجزرة الوحشية بحق الإنسانية، وكأنها تقدم هذه الدماء هدية للقادم الأمريكي الداعم لوحشيتها والذي يؤمن لها غطاء دولياً ويحميها من كل مساءلة أو حتى إدانة، وبضربة واحدة قتلت 500 مدني في غزة، وأصابت المئات بجروح بليغة، لم يشاهد أحد ولم تلتقط أي كاميرا صورة واحدة لشخص بين جثامين الشهداء ووسط الجرحى وهو بزي عسكري، كلهم مدنيون وجلّهم أطفال ونساء، استهدف الاحتلال أوجاعهم وقتلهم وهم جرحى على أسرة المعمداني.
في أكبر مجزرة تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة، الرقم 500 هو الإحصائية الأولية التي تناولتها وسائل الاعلام، ولم يعلن رسمياً عن أعداد الشهداء والجرحى في ظل صعوبة الإحصاء حالياً وهول هذا المشهد الكارثي، حيث يرتقى كل لحظة عشرات الشهداء في غرف العمليات الممتلئة، وعلى أدراج المشافي وفي الطريق إليها، حتى أن بعض الجرحى ارتقوا في المصاعد وهم بطريقهم إلى غرف العمليات، وفق ما يؤكد مراسلو القنوات الإعلامية من مكان الحدث.
وفي مكان الحدث، جثامين الشهداء أشلاء تبعثرت، يد طفل هنا ورأسه هناك، لا يستوعب العقل البشري هذا الإجرام الوحشي، وعين العدالة الدولية العوراء التي رأت “أطفال إسرائيل” المزعومين والذين لا صورة لهم إلى اليوم، ولم تر مئات الأطفال الفلسطينيين الذين قطعت رؤوسهم وُمزقت أجسادهم بالقصف الإسرائيلي المتعمد والمباشر على مستشفى المعمداني بغزة، ووثقتهم كاميرات عشرات وسائل الإعلام، ورأتهم أعين آلاف الشهود على أرض الواقع، والملايين في العالم عبر فيديوهات أدلة دامغة على الجريمة، وهم مقطعو الأوصال مضرجون بدمائهم.
تؤكد المواثيق الدولية ويؤكد مسؤولون أمميون أن إحداثيات المستشفيات يتم تسليمها للصليب الأحمر والذي بدوره يسلمها إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وهذا جرى فعلاً بما يخص مستشفيات قطاع غزة، إذاً الجريمة هي مكتملة الأركان، والاستهداف العمد يستوجب أشد العقاب وسريعاً، وفق القوانين الدولية، والقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف، وإذا لم يردع المجتمع الدولي هذا الإرهاب الإسرائيلي، بالتأكيد سترتكب “إسرائيل” مجازر أكبر وأقسى وأكثر همجية وكارثية، وسيتحمل هؤلاء المدافعون عنها مسؤولية شلال الدماء الذي ينهمر في غزة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة