الحمضيات في خطر… حلم التصنيع لم يتحقق والتصدير يضر المستهلك ولا ينصف المنتج

خاص غلوبال – زهير المحمد
هل بتنا بلد العجائب، نخشى من كثرة الإنتاج ونرتجف من قلته وينطبق علينا مقولة (بالع الموس ع الحدين)، يقول معظم الناس لقد ودعنا موسم الفواكه الصيفية دون أن نرى أو نشتري أو نتذوق شيئاً منها بسبب التصدير الجائر وانخفاض القدرة الشرائية للرواتب والأجور، حيث تراوح سعر الكيلو غرام الواحد ما بين الخمسة إلى الخمسة عشر ألف ليرة وبعضها وصل إلى خمس وعشرين ألفاً للدراق والإجاص وبعض الفواكه الأخرى، فيما استطاع البعض أن يتذوق العنب البلدي وكان الأرخص بخمسة آلاف ليرة.
وتفاءل المستهلكون بموسم الحمضيات خاصة مع نشر أنباء عن تراجع القدرة التنافسية لحمضياتنا في دول الخليج لصالح إنتاج بلدان أخرى تدعم مزارعيها ومصدريها.
بشائر أسعار الحمضيات وخاصة الهجائن منها تصل إلى المستهلك بسعر يتراوح بين ألفين وخمسمئة إلى ثلاثة آلاف وخمسمئة ليرة للكيلو بحسب بعد المكان عن أماكن الإنتاج في الساحل السوري، وهي الآن السلعة الأرخص في كل الأصناف التي يعرضها بائعو الخضر والفواكه.
ربما تكون القضية مريحة للمستهلك لكنها مأساوية لدى المزارعين الذين يبيعون إنتاجهم من هذه الأصناف بألف ليرة أو أكثر بقليل وهذا السعر أقل بكثير من التكلفة، فيما تبتلع أجور النقل وأرباح تجار الجملة وتجار المفرق بيضة الحمضيات وتقشيرتها، ويضطر الكثير من مزارعي الحمضيات إلى قلع أشجارهم واستبدالها بمواسم أخرى.
إن معاناة مزارعي الحمضيات تعود إلى عقود من الزمن، وكانت الحلول المقترحة أن يتم إحداث عصائر طبيعية لامتصاص فوائض الإنتاج الذي يصل إلى ثمانمئة ألف طن في السنوات الخيرة ولايقل عن ستمئة ألف طن في أدنى المواسم إنتاجاً.
إجمالاً لاتزال جهود إحداث المصانع أقل بكثير من المطلوب لاستيعاب بواكير الإنتاج من الهجائن التي لايمكن تخزينها وينتهي موسمها خلال شهرين وبكميات كبيرة يتفوق فيها العرض على الطلب، وتنخفض الأسعار بشكل كبير لدرجة أن بعض المزارعين يتلفون إنتاجهم لأن التسويق يتراجع وقد لايغطي ثمن العبوات وأجور النقل.
الآن يبدو أن المصدرين يتحضرون لتصدير الأصناف الممتازة من البرتقال والليمون والأصناف الأخرى التي يكتمل نضجها مع بداية العام الجديد، وهناك تعليمات تصدرها الجهات المختصة لهذا الغرض، وهذا يعني بأن أسعار هذه الأصناف ستحلق بعيداً عن قدرة المستهلك ودون أن يحصل المزارع على مايعوض خسارته في إنتاج الهجائن، لنعود إلى نقطة البداية التي تؤكد أن تجاوز المشكلة المزمنة مع مواسم الحمضيات لن تنتهي إلا بإحداث مصانع للعصائر تستوعب الفائض وبتدخل القطاع العام في دعم المزارعين بتأمين مستلزمات الإنتاج، وفي التسويق الذي لايزال خجولاً على يد مؤسسات التجارة الداخلية.
إنتاج الحمضيات في خطر إذا بقينا نتعامل معه بهذه السلبية وسوف ندفع ثمن إهمالنا لهذا المحصول بأسعار تفوق قدرتنا على التحمل كما حصل في أسعار المنتجات الأخرى وخاصة البيض والفروج ومشتقات الألبان.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة