الصحفيون ضحايا ديمقراطية الإبادة الإسرائيلية
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
أكثر ما يتبجح به الغرب أن “إسرائيل” هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وأن العداء العربي لها ليس لأنها تحتل الأراضي العربية وترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، أو لأنها تهجّر السكان الأصليين وتكرر الاعتداءات على العرب داخل فلسطين وخارجها، وإنما لأنها (بلد ديمقراطي ويريد العرب أن يجهضوا هذه التجربة الرائدة كي لا تنتقل إلى الشعوب وفي هذا خطر على الحكام) وفقاً لإدعاءاتهم.
هذه هي “إسرائيل” التي يداريها الغرب ويدعمها ولا يقبل لأحد أن يعطس بوجهها، أما أفعالها وجرائمها فهي مبرّرة تحت بند حق الدفاع عن النفس الذي لا يُمنح للشعب الفلسطيني الذي يتعرّض للقتل والاعتقال والتهجير ويحرم من حقوقه السياسية والإنسانية، ولا يمكن أن تمنحه أمريكا إلا لمن يحمل صكّ البراءة من كل القيم الإنسانية والحضارية كـ”إسرائيل”.
ديمقراطية “إسرائيل” مكتوبة بالقنابل الفوسفورية وبالصواريخ الفراغية وبالأسلحة الذكية التي يمكنها أن تميز لون عيون الشخص الذي تريد إغتياله، وهذا يعني أن استهداف الصحفيين وقتلهم جهاراً نهاراً ليس عن طريق الخطأ، وإنما هو ترجمة لديمقراطية الحقد والانتقام وكمّ الأفواه والتعتيم على الحقائق، وإمعان في تسفيه القوانين الدولية وتجاوز كل قوانين الحرب التي طالب باحترامها الرئيس الأمريكي بايدن حتى بح صوته دون أن يتقيد بها نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال وأعضاء حكومته المتطرّفة.
جريمة جديدة بحق الصحفيين ترتكبها “إسرائيل” ضد فريق قناة المنار الذي يغطي الأحداث على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، الجريمة لم ترتكبها “إسرائيل” عن طريق الخطأ وإنما عن سابق إصرار وترصّد لأن فريق الميادين يحمل كل العلامات والشارات والألبسة المعتمدة والمعروفة لكل الدول والكيانات، وهو انتقام من القناة ومن كوادرها الذين يمارسون مهامهم الإعلامية وفق ما يمليه عليهم ضميرهم المهني الذي يرفض هذا التمادي في الإجرام الذي تخطت به “إسرائيل” كل ماعهدته النزاعات بين البشر.
مراسلة الميادين فرح عمر والمصور ربيع المعماري كانوا ضحية الاستهتار الإسرائيلي بالاتفاقيات الدولية التي تحرّم استهداف الصحفيين وتحضّ على حمايتهم لنقل الحقيقة لكن “إسرائيل” المتشبّعة بديمقراطية القتل والإبادة، والتي تراها أمريكا تحتل موقعاً ريادياً تمارس حقدها وعنصريتها بدمٍ بارد ضدّ صحفيين سلاحهم الكلمة والصورة والحق وهي من كل ذلك براء.
إن عدد الشهداء من الصحفيين الذين قتلتهم “إسرائيل” قد تجاوز الأربعين بعد استهداف طاقم فضائية الميادين، وهذا العدد يعتبر الأكبر بين الصحفيين الضحايا الذين يغطون الأعمال الحربية قياساً بالمدة وبساحة الصراع.
“إسرائيل” تمارس الانتقام بحق الصحفيين والمدنيين وبحق الخدج الذين تم حرمانهم من تشغيل حاضناتهم في مشافي غزة.
ولا يسعنا سوى تبجيل تضحيات فريق الميادين الذين دفعوا دماءهم على طريق الحقيقة التي لن تستطيع الجرائم الإسرائيلية – الأمريكية طمسها مهما استخدمت من أساليب إجرامية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة