زراعة الحمضيات وحصاد الخسارة… خبير تنموي لـ«غلوبال»: ارتفاع تكاليف الإنتاج وسياسة التسعير تهدد بانهيار القطاع الزراعي
خاص دمشق – بشرى كوسا
على الرغم من أهمية القطاع الزراعي في سورية، والحضور اللافت للمنتجات الزراعية في البلدان العربية، وعلى الرغم مما عرف عن سورية بأنها البلد الزراعي الذي سجل حضوراً عالمياً، واحتل مراتب متقدمة في إنتاج الزيت والزيتون والقطن والقمح القاسي وغيره من المنتجات التي حققت اكتفاءً ذاتياً لسورية على مدار عشرات السنوات، ولكنه يعاني اليوم من أزمات أصبحت واضحة وكبيرة لجهة ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتكبد المزارعين الخسارة تلو الأخرى خلال المواسم الزراعية المتلاحقة في السنوات الأخيرة.
إضافة لحزمة عوامل أخرى تدفع بمجموعها لتغيير الأنماط الزراعية في سورية، واستبدال بعض الزراعات بأخرى قد تكون ذات ريعية إنتاجية أفضل.
وفي السياق، سمعنا مؤخراً عن توجه المزارعين في اللاذقية وطرطوس لاستبدال زراعة الحمضيات بأشجار الموز والفواكه الاستوائية.
ويؤكد الخبير التنموي أكرم عفيف أن المشكلة في الخسارة الدائمة التي يتكبدها مزارعو الحمضيات وهي ناتجة عن سوء إدارة الموارد، فاستخدام الجزء الملون من الحمضيات يمكن أن ينتج عشرات المستحضرات الطبية والتجميلية إذا تم استثمارها بالشكل الأمثل.
وأضاف عفيف في تصريح لـ«غلوبال»: إن البعض يتذرع بالقول إن الحمضيات لدينا ليست عصائرية، وهنا يأتي السؤال لماذا لا يتم تطعيم نسبة 10بالمئة من الأشجار لتحويلها من برتقال مائدة إلى برتقال عصائري، مشدداً على أننا نعيش في مرحلة تاريخية شاهدة على أسوأ إدارة موارد، فالتكاليف على المزارعين هي الأعلى عالمياً والأسعار هي الأقل عالمياً.
مشدداً على أنه لا علاقة للموز بعملية التحول الزراعي، وإنما لعدم القدرة على تحمل الخسارة لسنوات متتالية، واستشهد عفيف بعمليات قلع التفاح أيضاً، وقلع أشجار حمضيات يعود عمرها الى نحو 35-40 سنة كمن يقتلع جزءاً من جسده، والبديل هو إيجاد حلول تحقق تواءماً بين المزارعين والمصدرين والسوق الخارجية عبر جهات معينة تعمل على تحضير المنتجات للتصدير، فانخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار يجعل من السلعة السورية سلعة منافسة لناحية السعر إضافة للجودة أيضاً.
وأوضح عفيف أنه من الصعب على السوريين استبدال عاداتهم الاستهلاكية باستبدال البرتقال والليمون بالفاكهة الإستوائية أو الموز.
ونوه أن عملية الزراعة أصبحت مشقة لنا جميعاً حتى نحن أهل الخبرةوالاختصاص فلم يعد هناك محصول رابح بسبب زيادة التكاليف وسياسة التسعير.
وبالنسبة لظاهرة بيع الأراضي فهي آخر الحلول للمزارعين للبحث عن فرص عمل في مجالات أخرى ذات ربح مضمون، وبالتالي سواء بيع أم تأجير أم حتى إهمال الأراضي من قبل المزارعين هو ناتج عما تعرض له القطاع الزراعي من انهيارات بشقيه النباتي والحيواني، فالأبقار والأغنام لم يبق سوى 10بالمئة منها، كما أن هناك تراجعاً حاداً في نسب تربية الماعز وتحولت لذبائح بسبب تكاليف التربية وغلاء اللحوم، وفي ظل غياب واضح للبدائل، وتدمير ممنهج للقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني لمصلحة البعض.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة