ارتفاع معدلات التضخم يهدد الصحة العامة بسبب نقص الغذاء والدواء… خبير اقتصادي لـ«غلوبال»: استمراره يعني إغلاقاً جماعياً للمصانع والشركات وهروب لرأس المال

خاص دمشق – بشرى كوسا

يشهد الاقتصاد السوري موجات تضخم  متتالية خلال الأعوام الأخيرة، خصوصاً بعد جائحة كورونا والحصار الاقتصادي الغربي المفروض عليها، ما أنتج غلاء إثر غلاء، وجعل الحصول على بعض المواد الأساسية ترفاً للعديد من الأسر.

كما أثر غلاء الأسعار بشكلٍ مباشر على أنماطنا الاستهلاكية، فمن ناحية يدفع بعضنا للتفكير مئة مرة قبل شراء الاحتياجات اليومية، بالمقابل ربما يدفع آخرين للشراء بجنون لتخزين السلع خوفاً من الغلاء غداً.

الخبير الاقتصادي جورج خزام حذر من الآثار المباشرة للتضخم التي تؤدي إلى مزيد من الكساد والبطالة، إضافة إلى تأثيره على الصحة العامة نتيجة سوء التغذية بسبب تراجع كمية السلة الغذائية التي يمكن شراؤها من خلال الأجور المتدنية.

وأوضح خزام في تصريح لـ«غلوبال» كيف يتدرج التضخم النقدي مثل كرة الثلج من الأعلى، ثم يزداد حجمها وسرعتها إذا لم يتم إيقافها.

وشرح خزام مراحل التضخم الذي شهدته سورية في العامين الأخيرين بالأرقام، ففي بداية الشهر الأول من العام الماضي 2022 بلغ سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية وفقاً لنشرة مصرف سورية المركزي 2.512 ليرة، وفي نهاية الشهر الأخير من العام نفسه أصبح سعر الدولار 3.015 ليرة، ومقدار الزيادة 503 ليرة بنسبة تضخم نقدي بلغت 20.02%.

وتابع خزام أنه بتاريخ اليوم 2023/12/10، سجل سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية  12.625 ليرة، بمقدار زيادة 9.610 ليرة، أي أن نسبة التضخم النقدي 318.74%، بمعنى آخر أن مقدار الزيادة بانهيار الليرة السورية  في العام الحالي 2023 بلغ  298.72% وهي نسبة كبيرة جداً وفق تعبيره.

وشدد خزام على أن انهيار القوة الشرائية للرواتب الضعيفة سوف يظهر على شكل تراجع كبير بالطلب على البضائع بالأسواق، ومعه المزيد من الكساد والبطالة وارتفاع في سعر الدولار، كما أدى انهيار الليرة لتراجع كمية السلة الغذائية التي يشتريها الراتب الضعيف جداً ومعه المزيد من انهيار الصحة العامة.

ولفت خزام إلى تأثير انهيار القوة الشرائية لليرة على شراء الأدوية التي أصبحت خارج مقدرة الأغلبية التي تعاني بالأساس من سوء التغذية جراء ارتفاع الأسعار، ومعه المزيد من التهديد للصحة العامة وانتشار الأمراض.

ودعا خزام إلى كبح جماح التضخم النقدي بطريقة علمية تستند إلى قوانين الاقتصاد الرأسمالي الحر، وخبرة باقتصاد السوق، وذلك من خلال إلغاء القرارات والقوانين التي من شأنها تقييد حرية حركة رأس المال، محذراً من أن استمرار التضخم قد يؤدي إلى حالات إغلاق جماعي للمصانع و الشركات، وهروب رأس المال للخارج، وبالتالي تفاقم الأوضاع الاقتصادية سوءاً في العام القادم.

طريقك الصحيح نحو الحقيقة