مواطن إلكتروني للدفع ومصارف عكس ذلك
خاص غلوبال – زهير المحمد
لا يمكن لأحد أن يشكك بخطة الانتقال كلياً إلى تحصيل مستحقات خدمات الجهات العامة عبر الدفع الإلكتروني، وتحويل موظفي الجباية وأمناء الصناديق إلى أعمال أخرى اعتباراً من اليوم الأول للدوام في العام الجديد.
قد تكون المسألة غاية في البساطة والسهولة لمن يمتلك حساباً بنكياً، لكن الورطة الكبيرة هي التي سيقع فيها أولئك الذين ليس لهم حسابات بنكية، وعليهم المسارعة لفتح حساب بنكي.
لكن السؤال الهام الذي نطرحه، هل لدى مصارفنا القدرة على فتح حسابات جديدة، وإذا كان لديها ذلك فهل يستطيع المواطن أن يدخل البنك متى يشاء وفي أي بنك يريد دون أن يطلب منه البنك أوراقاً روتينية؟.
إن وضع المصارف العامة محزن للغاية، والازدحام فيها يجعل المواطن يعد للألف قبل أن يتوجه لسحب المال أو الإيداع، فكيف إذا أراد مئات الآلاف من العملاء فتح حسابات جديدة في مصرف قريب أو بعيد من سكنهم.
ومن المستغرب ذلك الضعف في خدمات فروع المصارف رغم ارتباطها بشبكة واحدة، إذ يمكن السحب والإيداع من أي فرع من الفروع، ما يعني أن فتح الحساب البنكي يجب ألّا يتطلب سوى الهوية الشخصية ودون حتى أن يطلب الموظف صورة الهوية، لأن مصارفنا يفترض أن تقرأ باركود الهوية إلكترونياً وليس ورقياً، وأن يكون ملف الزبون إلكترونياً، إذ كيف نطالب المواطن الذي يفتقر للمعلومات الإلكترونية أن يتحول إلى التعامل بها، ونقبل من البنك الذي يتعامل بهذه التقنيات الحضارية التعامل بالورقيات.
قبل أيام مُنع أحد الزبائن من الدخول إلى أحد فروع المصرف التجاري، وكانت الساعة الثانية عشرة والنصف، فيما كان العشرات يصطفون للدخول بغية سحب مبالغ مالية من حساباتهم، وكانت تتم إجابتهم بأن المكان لم يعد يتسع لأحد وبالكاد يستطيع الموظفون تلبية احتياجات من هم في داخل صالة المصرف وربما لموعد لما بعد نهاية الدوام.
لسنا ضدّ التحوّل إلى الدفع الإلكتروني لأن ذلك يتماشى مع التطور الحضاري ولا يعني إعادة اختراع الدولاب، لكن قبل ذلك وقبل أن يصبح الأمر إلزامياً علينا أن نوفّر البنية التحتية التي تساعد المواطن للوصول إلى مبتغاه داخل المصرف وخارجه، وهذا غير متاح الآن، ومن يزر مصارفنا في بعض الأحيان، قد يصاب بالإحباط الشديد نتيجة الازدحام وبطء الشبكة أو غيابها.
أما الصرافات الآلية فهي إما معطلة أو فارغة من النقود أو أن الازدحام عليها يجعل من يريد قبض راتبه يقف لساعات طويلة، وقد لا يسعفه الحظ بالظفر به، ويتمنى أن يعود المحاسبون للعمل كما في السابق.
ولهذا كله على الجهات الخدمية أن تشجع على الدفع الإلكتروني ولكن في الوقت نفسه عليها أن تمنح للمواطن وللمصارف مهلة تجريبية غير إلزامية لهذا التحول بغية النجاح في هذه الخطوة الحضارية، وأن تعمل تلك الجهات على تأمين البنية التحتية والأماكن المناسبة في المصارف، فضلاً عن العدد الكافي من الصرافات وأن تلغي أي وثائق ورقية.
وبالتالي من المفترض أن تستمر كوى الجباية في عملها لفترة انتقالية ريثما تجهز المصارف لتقديم خدماتها، وبعدها يمكن أن يتساعد المواطن مع مؤسسات الدولة لإنجاح هذه الخطوة، وإلا فإننا سنغرق المواطن في معاناة جديدة في وقت بات فيه عاجزاً عن تحمل المزيد.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة