حلول ملهمة…؟!
خاص غلوبال – رحاب الإبراهيم
حينما قصدت قريتي في ريف مصياف، المهملة منذ عقود طويلة وليس الآن فقط، تفاجأت بقدرة أهلها الذين يعانون كغيرهم من السوريين من طاحونة الغلاء، على إنتاج حلول معينة لمشاكلهم المعيشية، سواء فيما يتعلق بالتدفئة أو الرجوع إلى زراعة أراضيهم بغية الاستغناء عن المنتجات المماثلة من “الدكاكين” التي يرفع أصحابها أسعارها كما يحلو لهم، فأعين التموينين لا تطالهم، فإذا كانت الرقابة التموينية لاتطال أسواق المدينة، فكيف بالأرياف بمساحاتها الشاسعة، لكن يبقى الأهم توجههم إلى إنشاء مشاريع زراعية صغيرة بالاعتماد على محاصيلهم الموسمية بغية سند جيوبهم المتعبة.
تفكير أهالي الأرياف بحلول لمعيشتهم الآخذة بالتردي، جاءت من منطق الحاجة أم الاختراع، ومن قناعة تامة إذا لم تدعم نفسك لن يدعمك أحد، ولاسيما أن الفريق الحكومي يغرد خارج سرب هموم المواطنين، وينشغلون عنها بإقامة مؤتمر هنا وآخر هناك تتشابه في طرح الأفكار والحلول التي باتت معروفة وتحتاج فقط إلى تنفيذ فعلي على الأرض وعكسها على الاقتصاد المحلي والمعيشة، والسؤال المطروح هنا إذا كان المواطنون رغم قلة حيلتهم استطاعوا إيجاد بعض الحلول لمعيشتهم الصعبة تحت وطأة الحاجة، إلا أنه يبدو ذلك ملهماً لصناع القرار للجنوح إلى ذات المنحى عبر التوجه إلى إنتاج حلول واقعية ولاسيما أنها موجودة ولا حاجة لاستيرادها مثلاً وتحديداً لجهة استثمار إمكانات البلاد وثرواتها المهملة في القطاعين الزراعي والصناعي، لمواجهة آثار الحرب والحصار وحتى الزلزال، الذي بات شماعة جديدة لتبرير التقصير الحاصل، مع أن معالجة تداعياته لم تختلف عن التعاطي مع مختلف الأزمات التي عشناها ونتعرض لها يومياً على نحو فاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وأخذها إلى مطرح صعب طالما حذرنا منه ولكن ظلت الآذان صماء لأسباب غريبة وعجيبة.
على أية حال مبادرة أهل الأرياف إلى استثمار إمكانات قراهم ولو بمفردهم يعد خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، الذي يتطلب الاستمرار به خطوات داعمة لتمكينهم من إقامة مشاريع زراعية منتجة تكفيهم شر الرواتب الضعيفة وتحقق لهم دخولاً مادية جيدة تحسن واقعهم المعيشي ومستوى الخدمات المتدنية أو بالأحرى المغيبة كلياً، فلا ماء ولا كهرباء، بالتالي عند توافر السيولة المادية الكافية يمكنهم تحسينها سواء عبر تركيب أجهزة الطاقة البديلة أو حفر الآبار لري محاصيلهم، مساهمين في تأسيس قرى تنموية وخاصة في ظل امتلاك هذه القرى ميزة هامة تتجلى بالعامل البشري المؤهل والواعي، فإذا رغب الرسميون بتقديم المعونة ما عليهم سوى إيجاد آلية عمل مرنة عند توجه أصحاب المشاريع إلى المؤسسات العامة وخاصة المصارف للحصول على قروض إنتاجية لضمان ديمومة مشاريعهم لمتناهية الصغر والصغيرة، التي تعد الحل المضمون للتنمية الريفية والخلاص المعيشي، واعتقد أن إصدار مرسوم بإمكانية تأسيس شركات مساهمة مغفلة في القطاع الزراعي سيكون نقطة محورية في تعزيز هذه المشاريع وتنميتها وخاصة عند التنفيذ بالشكل الصحيح من دون تحريف أو تعديل عند إقرار التعليمات التنفيذية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة