سرقات أوجدتها الأزمة وفاقمها الفقر
خاص غلوبال – زهير المحمد
لانريد الدخول في الدوافع التي تحرض على السرقة وجعلها “مهنة” لتأمين مستلزمات العيش، ولا في التفصيل بالظروف التي تحول الإنسان السوي إلى حرامي، ونحن مع من يذكرنا بالمثل المشهور “تجوع الحرة ولا تأكل من ثدييها”، وأن الظروف الصعبة لايمكن أن تحول الإنسان الشريف والسوي إلى لص يفتش عن طرق غير مشروعة لتأمين حاجاته الأساسية.
لكن هناك من يقول “الحاجة أم الاختراع والرزق الداشر يعلم الناس السرقة”، وأن هناك من لديهم استعداد للانحراف تغذيها الظروف الصعبة، ويتحول البحث عن طرق غير مشرعة لتأمين لقمة العيش من سد الحاجة إلى مهنة لايمكن تركها، وربما المشاركة بتشكيل عصابة لسرقة أي شيء ولفعل أي شيء حتى ارتكاب جريمة قتل من أجل سرقة جهاز خليوي أو سرقة قطعة حلي غير ذهبية لاتباع ولاتشترى.
كل ذلك يعرفه الجميع، ولكن ما أريد الحديث عنه هو الأمور التي باتت وجهة للسارقين في ظل الأزمة، رغم خطورتها وضررها الكبير على السارق أو على الناس ومن ذلك نذكر سرقة أسلاك شبكات الكهرباء النحاسية التي تربط بين التجمعات السكنية وبعض مكونات محولات الكهرباء في الأحياء، رغم خطورتها والضرر الكبير الذي يلحق بالسكان بسبب انقطاع الخدمة لأسابيع، أو لأن قيمة المسروق بعد الصهر يبدو زهيداً وقد لايعادل واحداً بالألف أو بالعشرة آلاف من القيمة التي تدفعها شركات الكهرباء عند شرائها من مصادر محلية أو خارجية، أضف إلى مخاطر تفضي بموت السارق كما حصل للكثير من سارقي الأسلاك أو المحولات.
أما أغطية فتحات الصرف الصحي والريكارات فلم تكن معروفة قبل الأزمة نتيجة لرخص المعدن وتوافره، أما الآن فقد باتت من السرقات الشائعة في معظم المناطق، رغم أن بقاء فتحات الصرف الصحي مفتوحة يسبب أضراراً صحية بسبب الروائح والغازات، وقد يسبب الموت لمن يمشي تحت المطر ويقع في تلك الفتحات، وبالتالي فإن ثمن ذلك الغطاء الذي قد لايشتري مئتي غرام من الثوم قد يتسبب بإزهاق روح بريئة.
أما سرقة المشتقات النفطية من قبل بعض أصحاب محطات الوقود، فقد شهدت تطورات جرمية كثيرة، ومنها سرقة كميات من الاحتياط الاستراتيجي ووضع كميات من المياه كي لاينكشف النقص عند عمليات الكشف، ولكن عندما تنقص طبقة الوقود ويختلط الماء بالمازوت أو البنزين، ويعبأ بالسيارات تتعطل الآليات وتحتاج إلى مبالغ كبيرة للإصلاح، كما وتتقطع بمستخدمي المركبة السبل في مسافات السفر الطويل.
أضف إلى التلاعب بالعدادات التي باتت شبه شائعة، لكن الأخطر والأحدث هو التلاعب بأجهزة التتبع “جي بي اس” وتركيب عدد من الأجهزة في سيارة واحدة للحصول على كميات من المحروقات بطرق غير مشروعة، هذا عدا عن تزايد حوادث خطف الحقائب والسرقات التقليدية وسرقات الأفران من خلال التلاعب بوزن ربطة الخبز أو بإنتاج خبز سيىء وغير ناضج، فيزيد الوزن وتقل كمية المازوت اللازمة، وسرقة الطحين والمازوت الناتجين عن العملية.
نحن نقول إن كل هذه السرقات تحصل ويتم كشف معظمها، لكن ما يحير كيف يتجرأ هؤلاء على الاستمرار بممارسة تلك الجرائم، وكيف لا يستفيدون من أخطاء غيرهم وخاصة أصحاب وسائط النقل الذين يغامرون بالتلاعب بأجهزة التتبع، مع أن عملية كشف السرقة باتت أسهل وأسرع والغرامات كبيرة أضف إلى حجز الآليات وربما سجن السائقين.
الظروف الاقتصادية باتت صعبة على الجميع، لكن الطرق الملتوية ليست الحل، حتى وإن أوصلت متبعوها إلى الهدف مرة أو عدة مرات، لكن السارق لابد أن يدفع ثمن مااقترفت يداه عاجلاً أم آجلاً.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة