خلافاتٌ خلّبية لن تخدم مصالح العرب
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
بعد انشغال طويل لوسائل الإعلام بالخلاف الظاهري بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وعددٍ من الرهانات العربية على ذلك الخلاف الوهمي، قطع الرئيس الأمريكي المشهد و اتصل هاتفياً مع مجرم الحرب الإسرائيلي، مع اقتناعه بأن الخصام الظاهري مع تل أبيب، والتوقف عن المكالمات الهاتفية لستة وعشرين يوماً لا يفسد للود الأمريكي- الإسرائيلي قضية.
مع أن ذلك الجليد لم يؤثر على حرارة الدعم العسكري والسياسي لـ”إسرائيل”، ولم يقلل من عدد المسؤولين الأمريكيين المتقاطرين إلى تل أبيب، أو عدد الصواريخ الأمريكية التي تستهدف الشعب اليمني لأنه يقف مع الحق الفلسطيني، لكن اللافت في الاتصال الهاتفي الذي قصم ظهر القطيعة الخلبية أنه أتى بعد تصريحات نارية من رئيس الوزراء الإسرائيلي كادت تنهي كل الأوهام التي يوزعها الأمريكان على العرب كي يعيدو قطار التطبيع، ولو كان ذلك على قضبان من أجساد آلاف الغزاويين الذين قضوا بمئة يوم ونيف من حرب الإبادة التي لم تظهر لها حتى الآن بوادر نهاية.
فبعد يوم واحد من تصريح نتنياهو عن رفضه المطلق لحل الدولتين الذي وعدت به أمريكا بعض المطبعين العرب، وبعد أن ردت واشنطن أن نتنياهو لن يبقى حاكماً للأبد، استفاق بايدن ووضع الملح على جرح خصامه الظاهري، وأجرى الاتصال ليعلن بعده أن صديقه القديم الجديد لا يعارض حل الدولتين، فيما عدّل الأخير تصريحاته السابقة ليقول، إن “حل الدولتين ليس مستحيلاً”، وكأننا في استمرار لمشهد لعبة الضحك على لحى
اللاهثين وراء الوعود الأمريكية، ولتعطي الفرصة للمبادرين لطرح خطط للسلام باتت تنهال عبر وسائل الإعلام، بل بدأ الاتحاد الأوروبي يتحدث عن خطة محكمة لحل القضية الفلسطينية، وأن لديه وسائل الضغط المؤثرة على “إسرائيل”، وهذا ما سيناقشه منسق السياسة الخارجية للاتحاد مع لجنة الاتصال المنبثقة عن مؤتمر القمة العربية المتجهة قريباً إلى بروكسل بحثاً عن حل سياسي للقضية الفلسطينية.
وتتكاثر الأحاديث في هذا السياق وكأننا في حلم من أحلام اليقظة ينهي كابوس الدمار والتهجير والإبادة للفلسطينيين المتواصل، فكيف يمكن أن يتحدث الأوروبيون عن أوراق ضغط على “إسرائيل” ولماذا لم يستخدموها لوقف إطلاق النار الذي طالبوا به، واتخذوا قراراً بخصوصه عقب اجتماع للاتحاد قبل يومين.
أسئلة كثيرة تطرح ذاتها لكن للأسف جميع إجاباتها لا تصبّ في مصلحة الشعب الفلسطيني، ولا في إنجاح الحلول السياسية للقضية الفلسطينية، أو تغيير السلوك الإجرامي لقادة الكيان.
لهذا يمكن القول إن الحديث عن مبادرات سلام وعن خطط للسير على هذا الطريق هو مجرد كلام ووعود لذر الرماد في العيون، وللاستثمار في تبريد الرأي العام الغربي الرافض للمجازر الإسرائيلية، وللاستثمار في الانتخابات الأمريكية، وإن عائدها على العرب والفلسطينيين لا يغني ولا يسمن من جوع.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة