هل يتحمل العالم جنون الأمريكان؟
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
كثيرون يرون بأن السباق إلى البيت الأبيض لن يوصل راجحي العقل إليه، فقد تعود العالم أن يتعامل مع أنواع مختلفة من جنون الرؤساء الأمريكيين، على أن النوع الأهم من ذلك الجنون هو جنون العظمة الذي يحول ساكن البيت الأبيض إلى وحش كاسر، ربما لا يأكل لحوم البشر لكنه يصدر الأوامر التي تتماشى مع مصالح صانعي السلاح، وعلى رأسها إشعال فتيل الأزمات أو شنّ الحروب عن طريق المواجهة العسكرية، أو الحروب بالنيابة، لكن النغمة الأهم التي عزفها القادة الأمريكيون خلال العقد الأخير هي القيادة من الخلف التي تمنح الأمريكيين صفارة الحكم الذي يطلق صفرة البداية، وربما يبخل في إطلاق صفرة النهاية لتبقى نار الصراع مشتعلة.
لكن الإدارة الحالية لم تقتنع بالقيادة من الخلف بل تمارس قيادة الحروب والفتن والأزمات من الأمام والخلف ومن الميمنة والميسرة، ولا تتورع الإدارة الأمريكية من توريط رئيسها الذي تجاوز الثمانين، ويعاني من أعراض الزهايمر في تهديد الدول أمن الجماعات أو الأفراد، حيث عبرت صورته بالبزة العسكرية -المفبركة بالذكاء الصناعي – عن سهولة توريط الرئيس الأمريكي بحروب لها أول وليس لها آخر، ويشجعهم في ذلك الوضع العقلي له الذي أصبح مثار شك القاصي والداني.
ولكي لا يتهمنا البعض بـ«التجنّي» على بايدن أو وصفه بليس ما له، نعود إلى السيدة نيكي هيلي المندوبة الدائمة السابقة لأمريكا في مجلس الأمن التي بقيت تدافع عن الباطل الأمريكي في المجلس طوال ولايتها حتى استحقت أن تدخل السباق الرئاسي، وعلى اعتبار أنه لا توقعات في خير قد يأتي منها أو من غيرها من الفائزين- وبغضّ النظر عن تعويلنا عن فرص نجاحها أو رسوبها أو انسحابها من السباق الرئاسي- لكن ما صرّحت به مؤخراً يدعو إلى مزيدٍ من التأمل لجهة ضرورة خضوع منافساها بايدن وترامب إلى إختباراتٍ تحدد قواهما العقلية، بل عمّمت بضرورة أن يشمل الفحص العقلي كل من يرشح نفسه لمنصب الرئاسة الأمريكية ممن تجاوز الخامسة والسبعين من العمر للتأكد من سلامة عقله، وهيلي متأكدة من أن بعض من تجاوز السن قد يكون أكثر حكمة وقوة عقلية من الشبان لكنها قصدت بتصريحها بايدن وترامب بالتحديد، وإن لجأت إلى التعميم.
قبل ثماني سنوات ظنّ كثيرون أن شخصية ترامب المتهورة والمشكوك بقدراتها العقلية لن تمكنه من الوصول إلى البيت الأبيض، ومع ذلك كتبت مقالاً في حينه قلت فيه، إن فوز ترامب ليس مستبعداً رغم كل الصفات السلبية التي تحدث عنها الإعلام الأمريكي لأن ساكن البيت الأبيض لا يشترط فيه أن يكون عاقلاً حكيماً، صاحب تاريخ ناصع فكرياً وأخلاقياً وحتى قانونياً، وفعلاً فاز ترامب.
وها هو يستعد للفوز مرة أخرى رغم أن ما تعرفه المرشحة هيلي من قواه العقلية وقوى خصمه بايدن يعرفه كل الأمريكيين ولا تدعيه هيلي تحت ضغط العداوة الانتخابية.
إن تصاعد الحملات الانتخابية الأمريكية يشبه مهرجاناً لنشر غسيل المرشحين المتّسخ، وما ينشر عن سلبياتهم ليس سوى نقطة في بحر الحقيقة، وبالتالي علينا جميعاً ألا نراهن على واحد منهم؛ لأنهم سينفّذوا ما يخدم سياسة أمريكا الرعناء، المخالفة لكل القوانين والشرائع الدولية والإنسانية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة