لم تعلمنا الفاجعة..؟!
خاص حلب – رحاب الإبراهيم
في مثل هذا اليوم من العام الفائت كنا لا نزال نفترش الحدائق أو ننام في السيارات تحسباً من زلزال آخر مدمر، بعد رعب وصدمة كبيرة تعرضنا لها في مدينة حلب نتيجة زلزال مفاجىء فجر 6 شباط، لتصبح البيوت التي قاومت الحرب والزلزال غير آمنة لأصحابها، الذين فضلوا النوم في العراء والبرد الشديد من سقف قد يسقط بأي لحظة.
تلك الأيام مرت ثقيلة على كل من عاشاها واختبر قساوة وخاصة من فقد أحبة أو خسر بيتاً بناه برموش العين كما يقال، لكنها مضت لتأتي أيام أخرى ليست بأقل مرارة، وخاصة مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتصرف صناع القرار، ولاسيما في التعامل مع مدينة حلب المنكوبة وكأنها في عزها، فازدادت الضغوط وكثرت الضرائب والأتاوات واتسع نطاق الهجرة لكل في الفئات في العاصمة الاقتصادية.
وسط هذا الواقع المؤلم كانت وتيرة تعويض المتضررين من الزلزال، تسير ببطء شديد، بحيث لم تعوض إلا قلة قليلة من الأشخاص الذين تضررت بيوتهم بالكامل، لنتساءل هنا عن أسباب هذا التأخير غير المبرر، وماذا قدمت الجهات المعنية في مدينة حلب تحديداً لمعالجة تداعيات الزلزال، التي لا تزال آثاره حاضرة في كل ركن في المدينة وخاصة أن هناك كارثة حقيقية تنتظر المتضررين بعد انتهاء عقود الإيجار السنوية وتأزم الواقع المعيشي، وماذا فعل مسؤولو محافظة حلب لمعالجة واقع السكن العشوائي الذي يعد قنبلة موقوتة، ما لم تتخذ الإجراءات الصحيحة هندسياً وعمرانياً واجتماعياً.
منذ فترة قصيرة عقد اجتماع في محافظة حلب بحضور وزير الإسكان للوقوف على تداعيات تقديم الدعم للمتضررين ومعالجة واقع السكن العشوائي عبر معرفة مصير المخططات التنظيمية، لتتفق جميع الجهات الحاضرة من دون تخطيط على توجيه أصابع الاتهام لمجلس المدينة، المقصر في حلحلة قضايا كثيرة لجهات أخرى تنتظر رده وإجراءاته، لكن تعلق موظفيه بالورقيات والروتين ولن نقول فساداً لا سمح الله، يتسبب في تأخير كارثي يدفع ضريبته مواطنون كثر يعانون الأمرين في تدبير شؤونهم معيشياً وسكنياً، وطبعاً هذا لا يعني تقصير بعض المؤسسات المعنية الأخرى، لكن يبقى مجلس المدينة المعطل الأكبر، حسب رأي كل الجهات المتشابك عملها معه، مع إرجاع المسؤولية إلى فقدان الثقة بينه وبين المؤسسات المعنية الأخرى.
وعموماً أتابع كل فترة واقع عمل تعويض المتضررين، بحكم عملي الصحفي وأيضاً كمتضررة من الزلزال، لأرى بأم العين آلية العمل التقليدية، التي تجعل المتضرر يكره نفسه وينوي كل مرة بألا يعود لتقديم أوراقه لكنها “الحاجة” المرة تجبره على طرق الأبواب مجدداً، وإن كان يعرف وخاصة من تضرر جزئياً أن درب تعويضه طويل، وقد ينتهي العام الحالي دون نيل مراده، وخاصة أن اللجان المكلفة بدراسة طلبات المتضررين لا تزال تستقبل أوراق المتضررين من هذه الفئة، وكأنه لم يمض عام كامل على وقوع كارثة الزلزال المدمر.
تفاقم الواقع المعيشي والاقتصادي لمعظم العائلات السورية وليس المتضررين من الزلزال يفرض إيجاد آليات عمل أكثر مرونة في معالجة شؤون المتضررين، وتقديم المطلوب بطريقة أسرع كل حسب ضرره، وخاصة في التوجه الحكومي نحو الدفع الإلكتروني، والتعجيل بتعويض من تصدعت بيوتهم بغية تمكينهم من ترميم بيوتهم المهددة بالإنهيار فوق رؤوس أصحابها الذين اضطروا إلى معاودة السكن فيها لعدم وجود مكان يذهبون إليه، وضعف إمكاناتهم المادية بعد خسارة ممتلكاتهم وأرزاقهم خلال الزلزال، وطبعاً نؤيد فكرة تعويض من تهدمت بيوتهم أولاً، لكن يتوجب مد يد العون لمن تضررت بيوتهم جزئياً، وخاصة أن عددهم كبير وليس من الصحيح تركهم على واقعهم الحالي تفادياً لوقوع كارثة لا تحمد عقباها، متأملين أن يشهد العام الحالي تسارعاً في معالجة أوضاع المتضررين وتقديم التعويض المادي الكافي لمعالجة آثار الزلزال بعيداً عن العشوائية والترقيع، كيلا نقع في فخ أكبر في القادمات من السنين أو الأيام، ولنا في ملف السكن العشوائي والفساد الكبير في عمليات البناء والتشييد تحت حجج اجتماعية دليل صارخ يكفي لاستقاء العبر والدروس، وخاصة بعد الانهيارات المؤلمة التي راح ضحيتها أبرياء كثر في الزلزال وقبله أيضاً.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة