تغطيةً لإجرام “إسرائيل” معاقبة من يطبّع مع سورية
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
قد يستغرب الكثيرون سعي الإدارة الأمريكية لإشهار سيوف التهديد على الدول والكيانات، التي يمكن أن تطبّع مع الدولة السورية التي خاضت حرباً شعواء ضدّ الإرهاب الدولي عبر عقد وثلث من الزمن المرصع بدماء الشهداء، ولم تكن أهمية ما تفعله خافياً على شخصيات وفعاليات غربية مهمة، لكن التهديد الأمريكي لمن يجاهر بموقف موضوعي تجاه الحرب الكونية التي أشعلوها في سورية، وفي المنطقة لتنصيب إرهابيي “الإسلام السياسي” كقادةٍ للإقليم مكان حكوماته الوطنية كان يمنع الكثيرين أن يعبّروا، كما عبرت وزيرة الدفاع الإيطالية بقولها “إن سورية تحارب الإرهاب نيابة عن العالم”.
إن المستغرب الآن وبعد كل ما ارتكبته “إسرائيل” من إجرام أدانه حتى الغرب، أن يهرب الكونغرس الأمريكي للأمام ويسعى للتصويت على مشروع قانون لتجريم من يطبّع مع الدولة السورية، مع أن أعضاءه من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يدركون أن إنهاء الإجراءات المتعلقة بإقرار القانون وتوقيعه من الرئيس -إن وافق عليه مجلس الشيوخ- قد يستغرق سنة كاملة، ما يعني أن إقراره رهن بالإدارة الجديدة التي ستسفر عنها الانتخابات الأمريكية في نهاية العام الحالي، حيث لا يجد أحداً صعوبةً في الربط بينه وبين ما يجري من في غزة من مجازر، وتهديدان بارتكاب المزيد بانتظار بدء العملية العسكرية التي تشنها عملياً، وتؤجل الإعلان عنها نظرياً في رفح.
ولتعطي جرعة أمل لمن يدّعون المعارضة للحكومة السورية ويقتاتون من أموال يتقاضونها تعويضاً عن خيانة أبناء شعبهم، الذين يعانون الأمرّين نتيجة العقوبات الجائرة التي فرضتها أمريكا بموجب “قانون قيصر”، مع التأكيد على أن المعاناة لا تقتصر على من بقي داخل سورية، وإنما تشمل حتى الذين يعيشون في مخيمات اللجوء تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية، وفي دول الجوار.
وكعادتها تتظاهر واشنطن بأنها حريصة على الديمقراطية، وترى بأن تجربة سورية هي نقيض للتجربة( الديمقراطية) في “إسرائيل” التي تسمح لها واشنطن أن تقتل عشرات الآلاف في فلسطين وتمنع عنهم كل أسباب الحياة، ثم ترسل وزير خارجيتها بلنكن ليهدد العرب الذين يرفضون التطبيع مع “إسرائيل” أو يحاولون مدّ يد العون للشعب السوري الذي أنهكته العقوبات الأمريكية وكورونا، وسرقة موارده الغذائية والنفطية من قبل واشنطن.
ومن المؤكد أن الأشقاء العرب الذين أعادوا علاقاتهم الكاملة مع سورية، أو من هم في بداية الطريق تنفيذاً لما تقرر في قمّة جدّة، على يقينٍ بأن ما تفعله واشنطن هو إمعان في تسويق الباطل، وفرض “إسرائيل” رغم إجرامها “الديمقراطي” على محيطٍ يجدّد رفضه التطبيع معها، وخاصةً بعد أن كشفت حربها الإجرامية في غزة كل الأقنعة المزيفة التي كانت تتخفى وراءها مع الدول الداعمة لها، وبالتالي فإن مسيرة العودة إلى سورية مستمرة ولن تستطيع واشنطن أن توقفها، مهما كرّرت محاولاتها اليائسة التي قامت بها قبل القمة وأثنائها وبعد انعقادها فشمس الحقيقة لا يمكن أن تغطّى بغربال.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة