وعود بيدرسون “الدستورية” في مقصلة التعطيل الأمريكية
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
لم يكن مفاجئاً ما ذكره المبعوث الأممي إلى سورية أمام مجلس الأمن الذي انعقد قبل يومين لمناقشة الأوضاع في سورية، حيث أشار إلى ازدياد معاناة السوريين بعد الزلزال الذي تعرّضت له سورية في العام الماضي، وإلى تزايد هجمات “داعش” في الآونة الأخيرة، وخاصةً في المنطقة الشمالية الشرقية، واعداً بأن يسعى لتخفيف معاناة السوريين، وبدعوة اللجنة الدستورية للاجتماع في جنيف في نيسان المقبل، لكن نوايا بيدرسون الإيجابية لن تغيّر في الواقع شيئاً؛ لأن معاناة السوريين من الزلزال رغم الأوضاع المأساوية التي خلفها لا تساوي جزءاً يسيراً مما خلفته العقوبات الأمريكية والغربية على واقع هذا الشعب، وزادتها عقوبات قانون “قيصر” غير الشرعي تفاقماً، والأهم من ذلك سرقة قوات الاحتلال الأمريكي المتكرّرة لمواردنا النفطية وكذلك المنتجات الزراعية الاستراتيجية.
ولاشكّ أن بيدرسون لن يستطيع أن يقنع واشنطن بتعليق عقوباتها الظالمة، أو أن يمنع قواتها من سرقة مقدّرات الشعب السوري، وكذلك الأمر بالنسبة لتزايد هجمات “داعش” في مناطق النفوذ الأمريكي، وحتى الهجمات التي يتعرّض لها الجيش السوري والقوات الرديفة، والتي تشنُّ من مناطق تحت أجنحة قوات الاحتلال الأمريكية بدليل أن تلك القوات لم تتعرّض لهجوم واحد من “داعش” في سورية، أو حتى في العراق.
لقد حاولت سورية أن تتعاون الى أقصى حدٍّ لإنجاح مهمة المبعوث الدولي، لكنه للأسف لم يستطع أن يحقق أي اختراق في الملف السوري منذ المباشرة بمهامه، والسبب قد لا يعود إليه شخصياً، وإنما يعود إلى الموقف الأمريكي المعادي للشعب السوري، والذي يجعل من وعود بيدرسون تتبخر دون أن تترك أي أثر؛ فحتى دعوته لاجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف التي اعتبرتها موسكو مدينة غير محايدة ومنحازة لحلف الـ”نيتو”، ولدعمها من يعادي روسيا في الملف الأوكراني، وبالتالي فإن اجتماعات اللجنة الدستورية في نسختها التاسعة إن تم عقدها وإن استضافتها جنيف أم غيرها من مدن العالم لن يكتب لها النجاح في ظلّ هذا الاستقطاب الدولي، ومحاولة الدول الغربية التي تدعم من يدعمون “المعارضة المسلحة” أم “غير المسلحة” أن تفصّل دستوراً على مقاس التآمر الدولي، وليس وفق احتياجات الشعب السوري، وإلا فإن التوافق على صياغة دستور جديد لا يحتاج الى كل تلك الجولات الماراتونية لو انطلق الجميع من المصلحة الوطنية، وتخلّت المعارضة عن تبنّي الإملاءات من الدول التي تموّل معارضي فنادق الخمس نجوم الذين استثمروا الأزمة أبشع استثمار.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة