عصابات (سفرجلية) وكل جريمة بغصة
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
لم يعد الكثير من الأمريكيين يستطيعون الاستمرار بالصمت تجاه الجرائم الإسرائيلية المتلاحقة من السابع من أكتوبر وحتى الآن ضدّ الشعب الفلسطيني، لكن الانتقادات غالباً لا تتركز على الكيان الذي ينتهج سياسة العدوان والتهويد والإبادة الجماعية والتهجير القسري، وإنما يحاولون حصرها بالأشخاص من قياس رئيس الوزراء نتنياهو، أو في مستوطنين يتم فرض عقوبات بحقهم.
والجديد في هذا المجال ماقاله زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي عن بنيامين نتنياهو وعن الخطأ الكبير الذي ارتكبه في رفضه لحل الدولتين، وأنه عقبة كبيرة في طريق السلام.
وفي ردّه على تلك التصريحات التي تعتبرها المعارضة الإسرائيلية خطوات على طريق خسارة حلفاء تقليديين لـ”إسرائيل” قال حزب نتنياهو (الليكود الحاكم)، إن “إسرائيل” ليست جمهورية موز ولا يمكن أن ترضخ للضغوط كي تتوقف عن جرائمها، أو العدول عن تنفيذ خططها بإجتياح رفح، مع تأكيد إدارة بايدن أنها لم تتلق أي خطة مضمونة لتأمين المدنيين وإجلائهم عن رفح.
بالتأكيد (إسرائيل) ليست جمهورية موز كما يقول المتطرفون والمجرمون الإسرائيليون في الليكود وفي أحزاب المعارضة؛ لأنها شيء آخر لا علاقة له لا بالجمهوريات ولا بالتسميات التي عرفتها الأنظمة السياسية بالعالم، وليس لها علاقة بالموز ولا حتى بالسفرجل الذين يقولون عنه “كل عضّة بغصّة”، بل يمكن القول إن في “إسرائيل: عصابة ترتكب كل يوم جريمة قذرة، وكل جريمة تترك عند الرأي العام العالمي ألف غصّة، وأقسى بكثير مما يعانيه من يأكل بساتين السفرجل بأوراقها وثمارها.
قبل أيام قصفت “إسرائيل” مركزاً للأنروا لاستقبال وتخزين وتوزيع المساعدات، وقتلت وجرحت موظفين فيها وهم يمارسون مهامهم الإنسانية، وفي منظمة أممية من المفترض أن تتمتع بالحصانة التي مرغتها “إسرائيل” مراراً وتكراراً بالوحل، وقصفت ودمرت معظم مدارسها ومقرّاتها وقتلت آلاف النساء والأطفال الذين التجؤوا إليها، في وقت شكّل البيت الأبيض لجنة للتحقيق حول الحادثة تضاف إلى العديد من لجان التحقيق الخلّبية التي تم تشكيلها منذ بداية المجازر التي باشرت “إسرائيل” بارتكابها انتقاماً من عملية طوفان الأقصى، وهي كما يعلم الجميع لجان تحقيق دعائية لذرّ رماد التحيز الأمريكي للجرائم الإسرائيلية في عيون المتعاطفين مع شعب فلسطين الذي يتعرّض للتهجير والإبادة والقتل جوعاً أو بالقصف.
إن نتنياهو وائتلاف عصاباته في حكومة الحرب الإسرائيلية يتحدثون عن قرب انطلاق العملية العسكرية في رفح، وعن جزر آمنة سيتم نقل ما يزيد على مليون ونصف المليون مهجّر فلسطيني إليها، مع زعمهم أنهم سيغرقون النازحين بالمساعدات.
وعلى وقع تلك الوعود تم قصف وقتل العشرات من الغزاويين يوم أمس عند دوار الكويت، وهم يحاولون الحصول على المساعدات، وربما تشكّل إدارة بايدن لجنة للتحقيق بالجريمة -لا ننصح أحداً بانتظار نتائج تحقيقاتها-.
وقبل أيام اعتذر أستاذ للقانون الدولي في الجامعات اللبنانية بقسوته المزمنة على طلابه في تدريس المقرّر لأنه تأكد أن “إسرائيل” لم تبق شيئاً من ذلك القانون إلا وانتهكته تحت الرعاية الأمريكية، وبالتالي فإن الجميع بات يعلم أن “إسرائيل” لا علاقة لها بالجمهوريات ولا بالشرعية ولا بالقانون الدولي، كما أن المسألة لا تتعلّق بشخص نتنياهو أو بثلاثة مستوطنين طالتهم عقوبات الخزانة الأمريكية قبل يومين، بل في كيان مجبول بالحقد والإجرام والكراهية العنصرية، ويشكّل خطراً على الفلسطينيين والعرب وعلى الأمن والسلم الدوليين.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة