حمام الدم الديمقراطي في العالم
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
لماذا نكتب عن أمريكا وسياساتها، سؤال يطرحه الكثيرون، وربما يستغربون اهتمامنا الزائد بمساعداتها وعقوباتها وانتخاباتها، وبكل ما يحصل بأوامرها وتدخلاتها. والإجابة بسيطة لأن “لها في كل عرس قرص” سواءً كان العرس للفرح أو لتصفية الحسابات؛ فأمريكا اعتبرت نفسها “شرطي العالم” و”المتحكم” بأمنه وثرواته وببحاره ومحيطاته وبأنظمة حكمه دون أن تنسى تذكير الجميع حرصها القاتل على “الديمقراطية”.
وعندما يتم انتهاك الديمقراطية وفق المسطرة العوجاء التي تقيس بها أو العين الحولاء التي تنظر بها، أو الموازين المزاجية التي تزين بها فلن تجد الدول ما يسرّ البال أو يهدئ الخاطر، وسيتم استنساخ ألف بل آلاف من حليفها (المأسوف على إرهابه) أسامة بن لادن الذي كان هو وتنظيمه (القاعدة) من صناعتها ومثّل ذراعها اليمين في محاربة الاتحاد السوڤييتي في أفغانستان.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، وبعد أن حسم الحزب الديمقراطي الأمريكي أمره بترشيح الرئيس بايدن المشكوك بقواه العقلية بعد معاناة تشبه الزهايمر، وعرضه على الأطباء لتبرأته من التهمة التي أثبتتها زلات لسانه في العديد من الخطب المتلفزة، وبعد أن حزم الحزب الجمهوري أمره وقدّم الرئيس السابق ترامب كمنافس “حر وشريف ونزيه وينضح بالعقل والإتزان والديمقراطية” من تصرفاته وتصريحاته.
أصبحنا الآن أمام حفلات مفتوحة للسيرك الإنتخابي الديمقراطي في أهم دولة في العالم تحرص على مصالحها بكل مالديها من قوة عسكرية واقتصادية وسياسية، وتهدد بإعادة أي بلد لا يرضخ لمشيئتها وسياساتها إلى العصر الحجري وإلى شريعة الغاب كتلك التي ترعاها في غزة، حيث تستعيض عن أهلها وعماراتها ومشافيها التي هدمتها “إسرائيل” بالأسلحة الأمريكية بميناء عائم يشرعن وجودها كمسمار جحا على سواحل فلسطين المحتلة، على وقع مساعدات يمكن أن تقدم للمنكوبين في غزة كي يستهلوكها على أنقاض بيوتهم، وفوق ركام لم يتم انتشال أغلب جثامين الفلسطينيين من تحتها حتى الآن.
“عرس ديمقراطي” يجب أن يفضي بانتخاب صاحب الحكمة والعفاف والعشق العذري للممثلات الإباحيات (وفق الإعلام الأمريكي) ترامب الذي ارتكب جريمة بتحريض أنصاره على اقتحام مقر الكونغرس وقتل حارسه، محاولاً عدم تسليم السلطة إلى بايدن الذي فاز في الانتخابات، وها هو ترامب الآن يستبق الأحداث، مهدّداً الأمريكيين لعل الحاضر يعلم الغائب بأنهم إذا لم ينتخبوه فإن أمريكا ستتحول إلى حمام دم بل وصف ذلك بأنه أقل ما يمكن.
أمريكا التي حولت العديد من دول العالم إلى حمام دم من أفغانستان إلى العراق فليبيا، وإلى سورية فاليمن ولبنان وليس آخراً في فلسطين، قد ينتقل إليها حمام الدم، وهذا بالتأكيد ليس تهديداً من الشعب السوري الذي يعاني من الإرهاب الداعشي والسرقات الأمريكية لموارده والعقوبات الجائرة التي تم تشديدها قبل أيام ببيان أمريكي بريطاني ألماني غربي، وإنما من ترامب الرئيس المحتمل لأمريكا مع بداية العام القادم.
بعد كل ذلك ألا يحق لنا أن نستمر بالكتابة عن الشرّ الأمريكي الذي لم ولن يستثني أحداً ويهدد بحمام دم إذا لم تطاوع صناديق الانتخابات رغبات ترامب “الديمقراطية” المغلّفة بالموت لمن لاينتخبه؟.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة