حزنٌ” إسرائيلي ستراضيه واشنطن بالأعطيات المدمرة”
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
بعد مخاضٍ عسير توصّل مجلس الأمن إلى إصدار قرار لوقف إطلاق النار حتى نهاية شهر رمضان، وعلى الرغم من أن المدة المحدّدة في القرار لا تصل إلى الأسابيع الثلاثة التي وعد بها بايدن لوقف إطلاق النار لأسبابٍ إنسانية، إلا أن “إسرائيل” استبقت التصويت وهدّدت واشنطن على لسان رئيس حكومة الحرب نتنياهو، إن هي لم تستخدم حق النقض بإلغاء زيارة وفدها الذي تعتزم إرساله إلى أمريكا كنوعٍ من الضغط.
لكن السؤال هو هذا التهديد ضدّ من؟، وهل ستحرم “إسرائيل” أمريكا من العطف والرعاية أم العكس؟، أم إن الوفد الإسرائيلي كان سيحمل الهدايا القيمة والوعود الوردية بالتهدئة والإنصياع لمطالب بايدن باحترام قواعد الحرب، وفك الحصار عن ملايين الغزيين المعرّضين للموت جوعاً وقتلاً؟.
إن “إسرائيل” علّقت تنفيذ زيارة وزير حربها الذي كان سيذهب ليس للسلام بالتأكيد، بل ليطلب المزيد من صفقات السلاح من القذائف والصواريخ لتدمير ما تبقّى من منشآت مدنية ومشافٍ على رؤوس ساكنيها، مع عدد غير محدد من طائرات الـ “إف-35” لتضمن استمرار “تفوقها” الجوي على دول المنطقة مجتمعة، ولا نعلم كم تستطيع أمريكا أن تحتمل “زعل” ربيبتها المدللة، وكم سيساور القلق بايدن ووزيري خارجيته ودفاعه الذين كانوا ينتظرون زيارة الوفد على أحرّ من الجمر، مع العلم أن وزير الدفاع الإسرائيلي كان في واشنطن قبل أيام قليلة، ووزير الخارجية الأمريكي كان في “إسرائيل”، ما يعكس مدى التوافق السياسي والعلاقة الوثيقة وتطابق وجهات النظر، والعزم الثنائي على وضع المزيد من خطط الإبادة في رفح وغزة، ولا بأس من التظاهر الأمريكي بـ “معارضة” الإجرام الإسرائيلي.
لكن الأفظع في مسيرة النفاق الأمريكي، وربما لامتصاص الغضب الإسرائيلي على( تخاذل) أمريكا في مجلس الأمن يوم أمس، وعدم استخدامها للفيتو، كان في خروج جون كيربي المتحدث باسم البيت الأبيض ليقول، إن قرار المجلس “غير ملزم”، أي أن الإدارة الأمريكية التي امتنعت عن التصويت على القرار، تعطي الضوء الأخضر لنتنياهو للاستمرار بالقتل والتدمير، كما تقول للعالم، إنه لا شيء ملزم إلا بما يتوافق مع الرغبة الأمريكية، حتى ولو كان قراراً صادراً عن مجلس الأمن، ويطلب وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار لأسبوعين.
والأبشع من ذلك أيضاً هو رفض أمريكا والدول الداعمة للعدوان لطلب المندوب الروسي بإضافة عبارة “دائم” على وقف إطلاق النار، والذي لن تتقيد “إسرائيل” بتنفيذه كعادتها.
والأخطر في المشهد هو أن تظاهر نتنياهو بـ”الزعل” من تمرير قرار مجلس الأمن سيشجع واشنطن على بذل المزيد من جوائز الترضية المدمرة، لحليفتها لنشر المزيد من القتل ليس فقط في الأرض المحتلة، بل ربما في عموم الشرق الأوسط.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة