انهيار أسعار الخضار وبُعد المنال
خاص غلوبال – زهير المحمد
يبدو أن الأخبار الواردة من حقول الفلاحين لا تسرّ الخاطر، حيث يتحدث الجميع عن انخفاض كبير في أسعار الخضار لدرجة أن بعض المنتجات تباع الآن في أسواق الجملة في المدن الساحلية بأقل من نصف التكلفة الإنتاجية، ما يعني أن خسارة بعض المزارعين تصل إلى عشرات الملايين دفعوها كثمن البذور والسماد وثمن تجهيزات البيوت البلاستيكية وأسعار المشتقات النفطية وأجور الأيدي العاملة.
لكن السؤال الملح الآن، مَن المسؤول عن فوضى الأسعار التي تدمر المستهلك بالضربة القاضية، كما توجه الضربات للمنتجين، فيما ينعم المسوقون بالأرباح الصافية التي لا تكدرها ويلات المزارعين ولا صراخ المستهلكين.
لقد كان من المتوقع أن تشهد أسعار الخضار هذا الانهيار بعد أن حلقت طوال شهر رمضان المبارك، حيث وصل سعر كيلو الباذنجان إلى ثمانية عشر ألف ليرة، والبندورة والفول والبطاطا فوق العشرة آلاف، فيما بلغ سعر الفليفلة والفاصولياء ثمانية وعشرين ألف ليرة، وهذه الأسعار الملتهبة أفرغت جيوب المستهلكين تماماً وأنهكتهم، وخاصة أننا في النصف الثاني من الشهر، حيث تنخفض القدرة الشرائية إلى الحدود الدنيا.
فيما ساعدت الظروف الجوية على زيادة الإنتاج وزيادة العرض مع انخفاض حاد في القدرة الشرائية، وبالتالي انخفضت الأسعار إلى أقل من ربع القيمة التي كانت تباع بها في شهر رمضان، ما يشير إلى التأثيرات الكارثية من عملية تحرير أسعار المشتقات النفطية والأسمدة ومستلزمات الإنتاج بشكل عام، فيما كان الدعم سابقاً يخفف من خسائر المنتجين ومن ضعف القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود على حدٍّ سواء.
إن السعر الذي يناسب أصحاب الرواتب والأجور يجب ألا يزيد على الألف ليرة لأي نوع من الخضار والفواكه، بالأسعار التي يعتبرها البعض منهارة، والتي أساساً لا تزال تفوق القدرة الشرائية للراتب اليومي للموظف، والذي بالكاد يكفي لشراء كيلو أو كيلو ونصف من أغلب الخضار “المنهارة”، حيث اعترف الكثير من المسؤولين بأنه لا يكفي أكثر من بضعة أيام أو أجور مواصلات للموظف.
فأجور النقل تمتص كل الإحساس بانخفاض الأسعار لدى المستهلكين، وأسطوانة الغاز التي تبيعها الدولة للمواطن بثمانية عشر ألف ليرة على البطاقة الذكية المدعومة يستلمها من المعتمد في بعض المناطق الريفية بنحو ثلاثة وعشرين ألفاً، أي أن أجور النقل وأرباح المعتمد مع أجرة التاكسي إلى المعتمد قد تتجاوز سعر مادة الأسطوانة، وأمام ذلك لماذا نستغرب أن تصل الخضار التي انهارت أسعارها إلى المواطن بمبالغ تزيد حتى اللحظة على قدرته الشرائية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة