ورطة الأعطال المفاجئة؟!
خاص غلوبال – رحاب الإبراهيم
أن تفكر في شراء أي قطعة كهربائية أو إلكترونية تحتاج حتماً إلى حسابات مطولة وضرب أخماس بأسداس مع الاستعانة بالأصدقاء ليس للاستشارة قطعاً وإنما للاستدانة، وطبعاً لن يلبوك، لأن حال ذوي الدخل المحدود من بعضه، ليكن خيارك الاستقراض من البنوك لهذا الأمر غير المحسوب حسابه بالمطلق.
وطبعاً اتخاذ القرار بإصلاح الجهاز الذي تعطل، وتغليبه على الشراء سواء أكانت القطعة مستعملة أم جديدة، ليس بالخيار الجيد والمستحب لجيوب أمثالنا من محدودي القدرة المادية، وخاصة إذا كان التصليح من قريبه وعاد العطل مرة أخرى بعد دفع أرقام كبيرة قياساً بالراتب المعدم، الذي لم يعد يكفي لشراء بعض سلع غذائية، أما خطوة شراء أو تصليح أي من الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، ذات الأسعار الخيالية، والمنضمة منذ سنوات إلى فئة الكماليات، لم تعد مدرجة في سلم إمكانيات المواطن الغلبان لا من قريب أو بعيد.
هذه الأفكار كلها تزاحمت في عقلي، حينما أعلن جهاز الحاسوب الخاص “اللابتوب” فجأة من دون سابق إنذار عن توقفه عن العمل، وهذا يعني رحلة بحث طويلة عن “مصلحين” رحماء، مع الكثير من السعي والاتصالات لإيجاد قطع تبديل في ظل صعوبات استيراد هذه القطع نتيجة الحصار الاقتصادي، وطبعاً التفكير في شراء حاسوب آخر ريثما تنحل هذه العقدة ليس وارداً في الحسابات، كونه يكلف ”بقرة جحا“ خاصة في ظل ترك أسواق هذه المنتجات على هوى أصحابها بلا حسيب ولا رقيب بحيث باتت للأغنياء وميسوري الحال.
والتساؤل المشروع هنا، والذي يتداول على لسان كل مواطن محدود الدخل حينما يتعرض لذات المأزق، هل فعلاً هذه الأدوات ليست ضرورية في عصر الذكاء الاصطناعي، وخاصة أنها أساسية للإنجاز والإنتاج وعدم الركون إلى الراتب فقط، فالورقيات أصبحت من الماضي وخارج العصر الحالي، ولماذا يجب أن نشعر نحن العاملين بأجر بمثل هذه الغصات عند تكرار هذه الحوادث الأليمة، وأين هي الجهات المصنفة بالتدخل الإيجابي لتبادر إلى إطلاق مبادرات لبيع السلع المعمرة بأسعار منافسة تكسر أسعارها الخيالية، ولماذا لا تبادر المصارف العامة والخاصة لاستثمار أموالها المكدسة بإطلاق قروض ميسرة لتمويل شراء هذه المنتجات من دون ضماناتها وشروطها التعجيزية وبفوائد مقبولة.
لذا يأمل أصحاب الدخل المحدود ممن يحتاجون هذه المنتجات في أشغالهم وأعمالهم وليس للتسلية والبروظة، أن تجد هذه التساؤلات مكانها المشروع على طاولة الحكومة، التي نخرت رأسنا بالتحول الرقمي الضروري حتماً لكن تطبيقه يحتاج إلى بنية تحتية متكاملة تفرض توافر هذه السلع في كل بيت، وطبعاً هذا الأمل ليس مدعماً بتفاؤل في الاستجابة وتحويل هذه التساؤلات إلى واقع فعلي، فإذا كان تحسين المعيشة سواء عبر زيادة الرواتب أم تخفيض الأسعار أو حتى المساهمة في تفعيل المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة لا تجد طريقها إلى التنفيذ، فكيف بمثل هذه الطلبات، التي لربما تعتبر عند صناع ضرباً من الخيال أو أحلاماً ليست في محلها للأخ المواطن الذي اعتاد على اللكمات، ولا يمكن تدليله بتنفيذ مثل هذه الخيارات حتى لو كانت تعيله وتدر عليه دخلا ينقذه من ورطة نفاد الراتب في أيام الشهر الأولى.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة