اختلال الموازين والتطبيع مع المجرمين
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
خلطة أمريكية عجيبة من الديمقراطية القمعية والصبر الأسود انتقاماً من الضحايا والمعاهدات الأمنية مع دول آمنة المتوقفة حتى يسير قطار التطبيع مع مجرمي الحرب في “إسرائيل”، وإملاءاتٌ وتدخل سافر في شؤون الدول، كل ذلك والمسؤولون الأمريكيون يرتدون أقنعة القوانين الدولية والإنسانية مع توابل مقطوعة من ميثاق الأمم المتحدة الذي يتعرض يومياً لانتهاكات إدارتهم وذراعها الإرهابي “إسرائيل”.
لقد حاول الرئيس الأمريكي بايدن أن يخفف من حدة الانتقادات الداخلية والخارجية لـ”الديمقراطية” الأمريكية التي تبخرت من أذهان كل من شاهد قوات الأمن تنتهك حرمة الجامعات لتقمع وتعتقل المتظاهرين الشبان وأساتذتهم من كل الجامعات الأمريكية التي تضامن طلابها مع الضحايا في غزة، وطالبوا بوقف إطلاق النار، حيث حذر بايدن من أنه لا حماية للمظاهرات “غير السلمية”، ومتذرعاً بأن استخدام القوة لتفريقهم -مع أنهم لايحملون إلا الأعلام والكوفيات- جاء نتيجة “عنفهم”.
أما وزير خارجيته بلنكن الذي أكد أن صبره قد نفد من المقاومة الفلسطينية ومن الغزاويين عموماً، مطالباً إياهم بـ”الرضوخ” لرغبات مجرمي الحرب، والاستلام وتسليم الرهائن، وأن يغفروا له ولـ”إسرائيل” التي حولت مدنهم وبيوتهم إلى أنقاض.
والأنكى من ذاك أن أمريكا “الديمقراطية” والباحثة عن تحقيق “السلم العالمي” تهدّد السعودية على لسان مستشار أمنها القومي سوليفان بأنها لن توقع معها اتفاقيات أمنية أو دفاعية إلا إذا طبّعت مع “إسرائيل”، فكيف لها أن تمنح نفسها الحق في تحديد خيارات الدول؟.
وفي سياق الأكاذيب المزمنة، فقد افتُضحت دعوات أمريكا للتخلص من قيادات دول المنطقة، واستبدالها بقيادات شابة في إطار ما سموه “الربيع العربي” قبل عقد ونيف من الزمن، ليفاجأ العالم الآن بسباقهم الرئاسي الهزلي بين مرشحين اثنين في العقد الثامن من العمر لا ثالث بينهما “ترامب- بايدن”.
إن الديمقراطية والشبوبية وعدم التعرض للمتظاهرين المسلحين والتعايش مع الإرهابيين لها تفسير خاص لدى الغرب يتماشى مع مبدأ الكيل بمكيالين، والنفاق السياسي واستباحة الشعوب واستغبائها.
في الحقيقة لا أحد يهدّد أمن السعودية والخليج ودول المنطقة إلا أمريكا و”إسرائيل”، وبالتالي فإن دول المنطقة لا تحتاج إلى التطبيع والخنوع للشعور بـ”الأمان”، بل هي بحاجة إلى تشبيك وتعاون وتكامل بيني وإقليمي وعالمي مع كل القوى المؤمنة بعدالة العلاقات وقوى التحرّر، فهم ليسوا بحاجة إلى تمتين علاقاتهم مع مجرمي الحرب في تل أبيب، ولا مع من يمدهم بالسلاح ويقدم لهم الغطاء السياسي لجرائمهم في واشنطن.
على تلك الدول أن تعي أن أي معاهدة يعقدونها في المنطقة لن تكون إلا مجرّد عقد إذعان وخنوع يجعل من “حراميها حاميها”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة