ذهب سورية الجديد… استثمار مغرٍ ينتظر التوضيح ومن يطرق بابه الدسم؟!
خاص حلب – رحاب الإبراهيم
صدر منذ أيام مرسوم رئاسي بالسماح للقطاع الخاص الاستثمار بمجال صناعة التبغ وتسويقه وشرائه، وهذه خطوة جيدة نظر إليها أغلبية أهل “البزنس” والفلاحين بعين الرضا، وخاصة أن هذا الدخول المفاجئ في حال “خرجت” تعليمات تنفيذية واضحة، سيترك منعكساً إيجابياً على معيشة آلاف الأسر المشتغلة بمجال زراعة التبغ وتصنيعه، ويلغي بطريقة أو بأخرى احتكار مؤسسة التبغ لبيعه وتصنيعه وتسويقه وحتى زراعته.
ورغم أهمية هذا القرار اقتصادياً لم يسلم من الانتقادات لناحية التأثير على أكثر مؤسسة رابحة وانضمامها إلى سلسلة “المؤسسات المخسرة”، وفقدانها خبراتها الفنية الكبيرة عبر تسربهم إلى شركات القطاع الخاص التي ستقدم رواتب أكبر حتماً لاستقطاب الكفاءات، والتخوف من احتمالية أن يكون ذلك مقدمة للخصخصة، وهذا يبدو مستبعداً، فالغاية من المرسوم المساهمة في إصلاح القطاع العام الاقتصادي وتطويره والاستثمار الذكي المجدي في صناعة التبغ الهامة والاستفادة من مزايا التبغ السوري الذي يعد من أفضل الأنواع عالمياً، كونه يصنف في المرتبة الخامسة من ناحية الجودة، وعند تحقيق ذلك يمكن أن يغير سياسة التسعير التي سيطرت عليها مؤسسة التبغ منذ عقود.
وذهب “المناصرون” والمتفائلون إلى أن الاستثمار في صناعة التبغ يكسر الاحتكار ويشجع على تواجد شركات منافسة تطور هذه الصناعة الهامة، بينما ينظر التيار المعاكس بعين الريبة، عبر تعزيز الاحتكار عند منح التراخيص لأسماء محددة كما يحصل في جميع القطاعات، وفعلاً قد تتكرر هذه المعاناة في عدم إصدار تعليمات تنفيذية واضحة واتخاذ قرارات تمنع الوقوع في مطب البيروقراطية والروتين وتحت سطوة منظومة الفساد، التي قد “تطفش” المستثمرين لصالح استقطاب “شركائهم” والمتعاملين معها، لذا يأمل مع إعلان أول شركة دخولها الاستثمار في هذه الصناعة الواعدة وضع النقاط على الحروف بسرعة، وترك الباب مفتوحاً لكل مستثمر يرغب في ضخ أمواله في كار التبغ الدسم بعيداً عن حسابات البعض الضيقة، ما يسهم بتحسين واقع هذه الصناعة والنهوض بها محلياً وعالمياً عبر استثمار المزايا النسبية للتبغ السوري.
وهذا يتحقق بالتعاون بين المؤسسة العامة للتبغ والقطاع الخاص، فلا يعني دخول المال الخاص على الخط إلغاء هذه المؤسسة العريقة، التي يتوجب عليها تحسين أدواتها ودخول نطاق المنافسة الشريفة بقوة كونها تملك باعاً طويلاً بهذا المجال على نحو يزيد إنتاجيتها وأرباحها، لتتحسن معها معيشة موظفيها وحال الاقتصاد المحلي، الذي يقوى بقطاعاته المنتجة وخاصة عند رفع وتيرة التصدير وتحسين نوعية المنتجات وإنتاج أصناف جديدة تضاهي الأجنبي جودة وسعراً.
فتح باب الاستثمار في ذهب سورية الجديد، في هذه الفترة الصعبة، يمثل نقلة نوعية رغم الانتقادات والتحفظات، يفترض تعميمها على كافة المنتجات الزراعية ذات الميزات النسبية بحيث يخرج منتجاً صناعياً متميزاً، بالمنافسة العادلة بين القطاع العام والخاص وليس بالاحتكار، الذي لم يكن يوماً سبيلاً ناجعاً للإنتاج الجيد، مع إيجاد بيئة إدارية واستثمارية مناسبة تمنع تغليب طرف على حساب طرف آخر إلا بالعمل الجيد والإنتاج المنافس، وإن كان يفترض إعطاء القطاع العام مزايا إضافية بعد إثبات قدرته على حماية الاقتصاد المحلي طيلة سنوات الحرب، بينما يفكر القطاع الخاص بمصلحته دوماً من دون النظر إلى مسؤوليته الاجتماعية بحجة أن الرأسمال جبان، وعموماً نأمل إصدار التعليمات التنفيذية قريباً ومنع دخولها سرداب الانتظار الطويل، ومتاهة التفسير الفضفاض الذي غالباً يحتاج إلى توضيح إضافي، وكأنك “يا زيد ما غزيت”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة