تقنيات وعروض غير مسبوقة لـ”نتنياهو”
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
لم يكن مفاجئاً ما كشفته صحيفة واشنطن بوست حول العروض السخية التي طرحتها واشنطن على طاولة حكومة الإرهاب الإسرائيلية لوقف عملياتها العسكرية على رفح، وتلك العروض ليست حباً بأهل غزة، ولا لردع “إسرائيل” عن إجرامها، وإنما للتظاهر بالإنسانية والسلام، أمام الرأي العام الأمريكي الذي تعيش جامعاته حالة من الغليان الشعبي والمظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات على موقف الإدارة الأمريكية الداعم للإبادة التي ترتكبها حكومة الحرب الإسرائيلية منذ مايزيد على سبعة أشهر، وحجم التواطؤ العلني لهذه الإدارة الأمريكية المتصهينة، بل والشراكة العسكرية في وضع الخطط الحربية وتأمين السلاح والذخائر، ورصد المليارات من الدولارات.
وكذلك تهدف تلك العروض ليكفّر بايدن عن قراره بوقف بعض شحنات الأسلحة -ظاهرياً – عن “إسرائيل”، وتأكيده على أن تلك الأسلحة الأمريكية تم استخدامها لقتل المدنيين، العرض هذا ليس جديداً، وإنما يتسم بدقة أكثر واستخدام تقنيات استطلاعية أحدث على مايبدو، تمكن أمريكا من تحديد الأماكن السرية والأنفاق التي يتواجد بها قادة حماس، وإعطاء تلك المعلومات على طبق من دم لحكومة نتنياهو.
أو ربما لتذكرهم بعمليات الرصد والمتابعة للوسائل التي استخدمتها إيران للردّ على التدمير الإسرائيلي لقنصليتها في دمشق، حيث اعترفت واشنطن قبل أيام أن عملية الاستطلاع المسبقة قد مكنت “إسرائيل” من تفادي خسائر كبيرة، وإن اشتراك أمريكا وبريطانيا وفرنسا والأردن، ورغم كل ما تملكه “إسرائيل” من وسائط دفاع جوي لم تكن كافية لولا عمليات الاستطلاع الدقيقة المسبقة التي قامت بها أمريكا.
إذن أمريكا بعرضها الجديد القديم تؤكد أن عمليات الاغتيال التي تقوم بها “إسرائيل” في الأراضي المحتلة وفي لبنان وسورية والعراق، وربما في دول أبعد ترتكز على تعاون استطلاعي واستخباراتي أمريكي كان يتم من تحت الستار، أما الآن فإن أمريكا تجهر بالإعانة على المكشوف، وتعد بالمزيد منه لمجرمي الحرب الذين يحصلون على كل مغريات ممارسة الإجرام المتطورة حتى ولو تابعوا عمليتهم العسكرية في رفح.
والسؤال الذي يطرح ذاته الآن: إذا كانت لدى أمريكا كل هذه الوسائل الاستطلاعية المتطورة من أقمار اصطناعية وطائرات أواكس وأصناف استطلاعية أخرى تستطيع أن ترصد كل شيء، فلماذا إذاً تفشل في رصد خلايا “داعش” في سورية والعراق، ولماذا لم ترصد قوات الجولاني وقادة جبهة النصرة والفصائل الإرهابية التي تمارس إجرامها ضد الشعب السوري ويدخل ضمن اختصاصات تحالفها المزعوم؟.
إن أمريكا وعبر عرضها السخي تعد حكومة تل أبيب بتزويدها بمعلومات استطلاعية استخبارية دقيقة عن الأنفاق والأماكن التي يتواجد فيها قادة حماس، لكن على أرض الواقع لا يمكن قراءة ذلك إلا في سياق أن “إسرائيل” وأمريكا لا تريدان القضاء على قادة حماس فقط، وإنما يسعيان إلى مزيد من جرائم إبادة الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، بالتزامن مع مساعيهما الحثيثة لدعم ونشر عقائد الإرهاب ضدّ عقيدة المقاومة، وتصفية قادتها وإضعاف داعميها بلا مبرّر مشروع.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة