خيار “المؤونة” الفاعل لا تسلبوه من المواطن أيضاً؟!
خاص حلب – رحاب الإبراهيم
لا تعد “ظاهرة” ارتفاع الثوم في عز موسمه خلافاً للمتوقع والسائد، الحالة الوحيدة التي شهدتها الأسواق المحلية ببورصة أسعارها الآخذة بالصعود يومياً، فقبله كان البصل وسلع أخرى تعد أساسية لدى العائلات، المعتادة على إعداد مؤونة هذه المواد صيفاً لتخفيف الأعباء المتزايدة شتاءً وكسر حدة الغلاء ضمن خطة إدارة شؤون المعيشة الصعبة.
ورغم أثر غلاء المواد الغذائية على حياة أغلب العائلات، يبقى لهاتين المادتين، مؤشر يدلل على تحكم التجار في الأسواق المحلية وتسعير السلع من “أرضها” وسرقة محاصيل وتعب الفلاحين، من دون قدرة الجهات المعنية بالتسويق على التعلم واستقاء الدروس من تجارب مريرة متكررة بدليل حصول مثل هذه “الخروقات” السلبية باستمرار، وحرمان المواطن من شراء مستلزمات المؤونة وتعذر اللجوء إلى هذا الخيار، الذي أثبت فعاليته على مدار عقود، والتساؤل المشروع، ما الذي يمنع الوزارات المعنية التنسيق والتعاون لتحديد أسعار السلع الزراعية ومعرفة الكميات المنتجة وتسويقها بطريقة نافعة للفلاح والمواطن والخزينة بدل حصد التجار ثمار نتاج المزارعين السنوي، من دون تدخل من أي جهة رسمية لمنع هذا الخلل بنتائجه الكارثية، وأين السورية للتجارة “المدعومة” والتي تمنح كل فترة سلفة مالية كبيرة للقيام بتدخلها الإيجابي لكن لا نرى أي نتائج ملموسة على أرض الواقع، ولماذا لا يفتح باب التصدير بكميات محددة بعد تغطية حاجة السوق المحلية في عز الموسم بغية إنصاف المزارعين وتحقيق هامش ربح معقول يغطي تكاليف الإنتاج ويحسن معيشتهم ويضمن الاستمرار في زراعة أراضيهم، وبالوقت ذاته يمنع اضطرار الرسميين بعد فترة إلى استيراد الثوم والبصل بزعم تخفيض السعر مع أن بالإمكان شرائه بكميات كبيرة وتخزينه على مبدأ “مؤونة المنازل” لتحقيق هذه الغاية بدل بيع الفلاح محصول بتراب (المصاري) للتجار، على نحو يقطع على المحتكرين الطريق ويمنع لعبتهم المعتادة والمكشوفة، لكن لا يوجد من “يردعهم”، على قولة “يا فرعون مين فرعنك”.
تمكين العائلات أياً كان مستواها المادي من استعادة قدرتها على إعداد “مؤونة” الشتاء، ليس أمراً سطحياً أو عادياً لا يستحق الوقوف عنده، فهذه القضية تنطوي على مدلولات اقتصادية واجتماعية هامة يتوجب المحافظة عليه ومساعدة العائلات على شراء احتياجاتها في المواسم الزراعية لتعزيز مقدرتها على مواجهة الغلاء، طالما لا توجد خطة واضحة لتحسين الواقع المعيشي، فهذا أضعف الإيمان وليس بالأمر المستحيل، ويمكن إنجازه بيسر عند قيام كل جهة بواجباتها ومسؤولياتها لناحية تحديد الكميات المنتجة والمسوقة واحتياجات السوق المحلية والكميات الفائضة للتصدير، مع وضع تسعيرة مجزية تراعي تكاليف الإنتاج ولا تبخس الفلاح حقه وجهده، وإلزام “السورية للتجارة” بتسويق جزء من محصول الثوم والبصل وغيرهما، بدل ترك التجار يسرحون ويمرحون ويجنون ثمار تعب الفلاحين على البارد المستريح بلا تدخل ولا هم يحزنون.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة