خسارة كبيرة لإيران والمنطقة
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
فاجعة أليمة هزّت وجدان الشعب الإيراني وامتدت لتشمل بقاع واسعة من العالم، ومنذ اللحظات الأولى لفقدان الاتصال بالطائرة تابع الشعب الإيراني، ومعه شعوب وقادة العالم تلك اللحظات العصيبة، والقضاء الذي أفقدنا وأفقد العالم قائداً إيرانياً يتصف بالهدوء والحكمة والصبر والمتابعة، دون أن يفرّط بحق من حقوق شعبه، ودون أن ينسى للحظة واحدة أن دعم حركات المقاومة هو واجب ديني وإنساني وأخلاقي.
كما كان وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، خير من حمل ترجمة التوجهات الإستراتيجية ومتابعتها في جولات متتابعة إلى المنطقة، التي تعاني ما تعانيه من احتلال للأراضي، وتدنيس للمقدسات وعدوان إسرائيلي همجي مدعوم من الشيطان الأكبر الذي أشعل بؤر التوتر في جميع أنحاء العالم.
لم يكن الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية ومن كان معهم على متن المروحية المنكوبة في مهمة وطنية تنموية تتعلق بتدشين سدّ يطور مناطق شاسعة من إيران ويعد بخير وفير في القادمات من الأيام فحسب، بل لمتابعة البناء الذي يعزّز صمود الدولة في وجه العقوبات الأمريكية والغربية الظالمة التي لم تكن تستهدف الشعب الإيراني وحده، وإنما كل من تمدّ لهم إيران يد المساعدة للحصول على حقوقهم، أو لمحاربة الإرهاب الذي يعتبر واجباً من أقدس الواجبات التي حرصت القيادة في طهران عليها منذ نجاح الثورة الإيرانية بقيادة الإمام الخميني، واستمرت في عهد المرشد الأعلى الإمام علي الخامنئي.
وبقدر ما كان الرئيس الراحل منفتحاً على دول الإقليم، ومتسامحاً وساعياً لنبذ الخلافات، بقدر ما كان لا يقبل المساومة في أمرين؛ أولهما دعم قوى المقاومة ومحاربة الإرهاب الإسرائيلي وإرهاب التنظيمات التكفيرية أينما وجدت، والثاني التمسّك بحق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية، وعدم الرضوخ لضغوط واشنطن التي انسحبت من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في عهد الرئيس السابق أوباما، حيث بقي رئيسي متمسكاً بهذا الحق عبر الوصول إلى اتفاق لا تراجع فيه عن شروط قبلت فيها إدارة أوباما في الاتفاق السابق، فيما أخلت بها إدارة ترامب.
بالتأكيد هو حادث مؤلم وخسارة كبيرة وستذكر دول المنطقة ما بذله الرئيس الراحل لتطوير العلاقات الثنائية مع دول الإقليم، وتوجيه طعنة في قلب الاصطفاف الطائفي الذي حاولت الإدارة الأمريكية أن تستخدمه وتكرسه لتقزيم وشرذمة قوى المنطقة، وتحويل الصراع من صراع دول المنطقة مع “إسرائيل” وداعميها إلى صراع على أساس مذهبي يخالف كل القواسم المشتركة بين الطوائف والمذاهب الإسلامية التي تتكامل وتتعايش فيما بينها عبر تاريخ عريق.
لقد كان من أهم ما تم إنجازه في عهد رئيسي، تطبيع العلاقات الإيرانية مع السعودية برعاية صينية، وبذلك وضع الرئيس الراحل لبنة متينة في علاقات تنهي حالة القطيعة على مستوى عالٍ، وتغلق الباب أمام واشنطن الذي كانت تسعى من خلال سياسات التفرقة إدخال “إسرائيل” في حلف يعادي فيه الأشقاء فيه أشقاءهم، خدمةً لكل أعداء الإنسانية والإسلام والعروبة في المنطقة.
إن ماذكرناه عن الرئيس الراحل وإنجازاته هو بعض من إنجازات أكبر ستكون دليلاً لمن سيتابع المهمة، وبما يخدم الشعب الإيراني وشعوب المنطقة برمتها، خسارتنا مع الشعب الإيراني وشعوب المنطقة كبيرة لكننا سنبقى على أمل بمتابعة مسيرة السلام والتنمية بجهود إيران وكل قوى وشعوب المنطقة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة