واشنطن… بين كذب التصريحات وتحرّك الحاملات
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
مع مرور الوقت تنقشع نوايا واشنطن في المنطقة ويتأكد العالم من متاجرتها بالتصريحات وجديتها بالتهديدات، في حين تبقى الأمور ضبابية عند المصابين بعمى الألوان السياسي.
وحتى الآن لم تستمع واشنطن إلى كلام العاقلين في إدارتها الذين أكدوا أن وقف التصعيد والحيلولة دون توسع دائرة الحرب يحتاج إلى وقف إطلاق النار ووقف عملية الإبادة الجماعية في غزة، ومن ثم تبادل الأسرى عبر اتفاق مع الفصائل الفلسطينية، وأن هذا الإجراء فقط هو الذي يعيد الأمن للملاحة في البحر الأحمر ويبرّد الحدود مع لبنان، وهذا بالتأكيد يتفق عليه من هم داخل دائرة الصراع، أو من يقيم هذا الصراع الدامي.
تسعة أشهر ومبعوثو واشنطن في رحلات مكوكية إلى المنطقة، مع الإعلان عن مبادرات، وزخم كبير من التصريحات، لكن ما يجري من تصعيد في المنطقة يؤكد أن النتيجة لا تعدو عن كونها حَملاً كاذباً بمِسخ ينذر بشرور أكبر.
إن الحديث عن الهدن الإنسانية وعن حماية المدنيين وتزويدهم بالمواد الإغاثية قابله قصف إسرائيلي للجياع قبل أن يصلوا إلى مراكز توزيع تلك المساعدات الشحيحة، وقبل أن تعلن اللجان عن نتائج تحقيقها بشأن القتل الإسرائيلي المتعمد لطاقم المطبخ العالمي الذي حدث قبل أشهر، طالب مسؤول في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بفتح تحقيق بالجريمة التي ارتكبتها إسرائيل يوم الجمعة الماضي، وأودت بحياة 22 فلسطينياً وهم على أبواب مركز للصليب الأحمر، مع الإشارة إلى أن لجان التحقيق التي تم تشكيلها أو تمت المطالبة بها للتحقيق في مئات الجرائم لن تغير في دموية المشهد، ولن تخفف من تمادي نتنياهو وطاقم حكومته من إرتكاب المزيد.
ويكتمل بيت القصيد بتوجه وزير الحرب الإسرائيلي غالانت إلى واشنطن لبحث حربه على غزة، وإمكانية توسيع عدوانه نحو لبنان، مع فاتورة تتضمن قائمة من الأسلحة المتطورة والمدمرة للكيان، ولم ينس وزير الحرب الإسرائيلي أن يذكّر واشنطن بأن إسرائيل مستعدة لأي عدوان في أي وقت وأي مكان.
وبالتوازي كانت حاملة الطائرات الأمريكية آيزن هور تتوجه من البحر الأحمر إلى سواحل المتوسط لدعم إسرائيل، أو بالأحرى لتحريضها على العدوان على لبنان؛ فموضوع الحرب وخلخلة الأمن والسلم الدوليين لا يحتاج إلى تصريحات بل إلى تحركات وإجراءات وحاملات طائرات وغواصات، وفي هذا المضمار لا يقل التهور الأمريكي عن التعطش الإسرائيلي للعدوان.
وصحيح أنه ظاهرياً هناك خلاف بين نتنياهو وبايدن، وأن شحنات الأسلحة الأمريكية لم تكن على ما يرام منذ أربعة أشهر مضت، لكن المشكلة في طريقها للحل وفق تصريحات نتنياهو الأخيرة، مع أن الجميع يعلم أن حجم الكثافة النارية والتدميرية التي تنفذها إسرائيل في غزة وخارج غزة تشير بوضوح إلى فائض كمي ونوعي في السلاح لدى هذا الكيان.
وبالتالي فإن كل المجريات تثبت من جديد أن أمريكا التي تتظاهر بأنها لا تستطيع الضغط على إسرائيل لوقف الحرب على غزة، لا تتوانى لحظة واحدة في إشعال حرب أخرى، حتى وإن كان العالم أجمع يحذّر من تبعاتها الكارثية.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة