الريف المُهمل “إلى ماشاء الله”
غلوبال اقتصاد
خاص غلوبال – مادلين جليس
لم أستطع تحمّل قضاء كامل إجازة العيد في قريتي بريف مصياف، واضطررت آسفة لإنهائها، على الرغم من حنيني الكبير للطبيعة والمساءات الريفية الجميلة.
فكل الخدمات التي يحتاجها المرء في حياته، تتواجد على أقلها في الأرياف، وكأن سكان هذه الأرياف هم من طبقة أقل استحقاقاً للحقوق من غيرها من الطبقات القاطنة في المدن.
فمثلاً ساعات الكهرباء القليلة التي يتقبّلها سكان المدن “على مضض” تكاد تكون معدومة لدى أهل الريف، هذا في حال تكرّمت شركات الكهرباء في المحافظات، وتذكرت أن لهذه الأرياف حصصاً من كهربائها الموزعة على كامل الجغرافية السورية.
أما المياه، فحدث ولاحرج، فلا خمسة ولا عشرة أيام قطع، بل تجاوز الأمر ذلك حتى وصل إلى شهر قطع مقابل عدة ساعات وصل، وإن كنت ماهراً فحصّل تعبئة ما تستطيعه خلال هذه الساعات، واملأ كل ما في بيتك مياه، من زجاجات ومرطبانات وكل ما يمكن أن يتسع ولو لكأس ماء، فأيام القطع طويلة، ولا أحد يعلم متى تحين ساعة الوصل أو انتهاء مخزونات مياهه.
حتى لو كان الحل بكثرة خزانات المياه، فإنه غير نافع في أحيان كثيرة، فساعات وصل المياه قليلة، وتجعل الكثيرين يشغلون “الشفاطات” ليتمكنوا من ملء خزاناتهم قبل غيرهم وقبل قطع المياه؛ ولذلك فإن غيرهم ممن لا يملكون هذه الشفاطات، سينتظرون قطع الكهرباء ليتساوى الجميع بتوزيع عادل لضخ المياه، اللهم إلا من يلتفّ على الموضوع ويشغل شفاطه على المولدة، فهذا لن يتساوى مع أحد وسيضع على خزانه “ريشة” التباهي بأنه مملوء ليس كغيره من باقي خزانات الحي.
وانتقالاً من المياه للمواصلات، فلا أظن أن أحداً من المسؤولين عن مواصلات الريف قد جرّب انتظار ساعات طويلة – قد تصل إلى ثلاث ساعات – قبل أن يجد مقعداً في سرفيس يقله من قريته إلى المدينة، هذا عدا عن توقف حركة السير بعد الساعة السادسة مساءً في أغلب القرى.
لذلك فإنني أقدم دعوة صريحة لكل المعنيين بأن يقضوا شهراً في الأرياف كي يشعروا بشعور سكانها، علّهم بعد ذلك ينصفوهم ولو بالحد الأدنى من الخدمات وبأبسط الحقوق.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة