قمّة الأسد – بوتين… هل تلقّت أنقرة الرسالة؟
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
يبدو أن القضايا المطروحة على الساحة الدولية والتصعيد العسكري الأمريكي الإسرائيلي ومشكلات الشرق الأوسط كانت وراء توقيت عقد اجتماع القمّة المفاجئة بين الرئيسين الأسد وبوتين بعد عام ونيف من عقد الإجتماع السابق، وهذه الفترة الطويلة التي فصلت بين اللقائين تخللتها اتصالات هاتفية وإرسال مندوبين، وتواصل دائم غير مباشر، وتبادل الآراء حول المشكلات التي تواجه سورية وروسيا، والمنطقة والعالم.
ولم يغن ذلك التواصل عن لقاء قمة في موسكو ذات أهمية قصوى، ناقش خلالها بوتين مع نظيره السوري مجموعة كبيرة من القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، بما في ذلك احتمال عقد اجتماع بين الأسد وأردوغان، دون تحديد مكان أو زمان للاجتماع المرتقب، أو حتى التوصل إلى تأكيد نهائي، ومع ذلك فإن وسائل إعلام تركية مقربة من حزب العدالة والتنمية توقعت بأن يتم الاجتماع في آب المقبل.
بل ذهبت أنقرة إلى أبعد من ذلك عبر تأكيدها أهمية عقد الاجتماع وإعلانها أنها مهتمة بزيارة الرئيس الأسد إلى موسكو، وما تمخض عنها من نتائج بخصوص مسار التطبيع بين البلدين، فضلاً عن توالي التصريحات التركية – السورية حول حيوية المسار والطرح.
كما عقد مجلس الأمن القومي التركي اجتماعاً يوم الخميس ترأسه أردوغان شخصياً، وكان على جدول أعماله وفيما تمخض عنه من نتائج، تأكيد المجلس بأن تطهير الأراضي السورية من الإرهاب الانفصالي سيضمن بالمقام الأول مصالح سورية وبقاءها، وتأكيد دعم أنقرة للتوصل إلى توافق اجتماعي حقيقي يشمل جميع الأطراف في سورية لحل القضايا العالقة.
وهذا يعني تعزيزاً تركياً لحسن النية تجاه دمشق، ولا سيما عندما أكد بيان المجلس ضرورة تطهير الأراضي السورية من الإرهاب الانفصالي، قاصداً ما يسمى بـالإدارة الذاتية، لكنه لم يحصر الموضوع بها لأنه بالتأكيد تمت صياغته ليشمل، “جبهة النصرة”، وغيرها من تنظيمات الإرهاب التي تسيطر على إدلب.
فترك البيان الباب موارباً ليؤكد الإنتهاء من كل المظاهر الإرهابية والانفصالية على حدّ سواء، في سبيل تحقيق وحدة وسيادة الأراضي السورية؛ لأن ذلك يشكل قواسم مشتركة بين البلدين، نظرياً، والوصول إلى ذلك يمكن أن يتم بالتفاوض والتعاون بين البلدين.
كذلك وزارة الدفاع التركية جدّدت التأكيد على وجود مباحثات مستمرة مع الجانب الروسي لإعادة تسيير دوريات روسية – تركية مشتركة على الطريق الدولي، إم فور، والتي توقفت من عام 2020، واعدة بالإيفاء بتعهداتها وضمان أمن الطريق الذي يربط حلب باللاذقية مروراً بإدلب – حيث تسيطر جبهة النصرة الإرهابية.
أما الأوساط التركية، فعبّرت عن كامل امتعاضها من تزويد واشنطن لقسد بصواريخ أرض جو محمولة على الكتف، معتبرةً أن في ذلك تهديداً مباشراً لأمن تركيا العضو في حلف النيتو.
وبالعودة إلى اجتماع بوتين – الأسد، فقد تم التأكيد على أن الأوضاع صعبة وخطيرة ومرشحة للتصعيد، ودول الإقليم معنية بالاستعداد للتعامل مع أي احتمال يمكن أن يهدد أمن الجميع دون استثناء.
وبالتأكيد تركيا أخذت ذلك التحذير بجدية، معتبرةً أن تزويد مسلحي، قسد، بالأسلحة عموماً وبصواريخ، أرض جو، يهدّد أمنها، كما يعتبر خروجاً أمريكياً عن ميثاق، النيتو.
ويحضرنا التساؤل بعد ما ذكر آنفاً: هل استعد الأتراك فعلاً لتقديم كل مايتطلبه مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، وهل أبلغ الرئيس بوتين ضمانته للتعهدات التركية التي يمكن أن تثمر عن نجاح القمة المرتقبة التي اشترطت دمشق لعقدها معالجة الأسباب التي أدت للقطيعة بين البلدين؟.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة