نوم الصناعة في العسل
خاص غلوبال – زهير المحمد
نعيش في عالم متسارع لا يرحم فيه الوقت المتقاعسين أو المتكاسلين، ولاسيما في منظمات الأعمال، فكل يوم فكرة جديدة في المنتجات من حيث التركيبة أو طريقة التسويق والتقديم وحتى خدمات ما بعد البيع.
القطاع الصناعي الخاص بعد الحرب على سورية يدرك ما سبق ذكره، ويعمل من منطلق “الوقت هو النقود” فيتحرك بمرونة عالية بحثاً عن الأرباح منوعاً منتجاته ومنتقلاً من طريقة إنتاج إلى أخرى ليس بحثاً عن تحقيق الأرباح فقط، وإنما سعياً للاستمرار فمن يتوقف بلا مبرر، سيخرج من السوق ويدخل عوضاً عنه صناعي آخر يملأ الفراغ ويأخذ حصته.
الأمر المحزن هو وضع القطاع العام الصناعي الذي يحبو ببطء ويجر خلفه تريليونات الليرات من الأصول والعقارات وآلاف العمال المهرة، يتلفت يميناً وشمالاً، وبين كل التفاتة وأخرى أشهر إن لم نقل سنوات، يعلن بعدها عن اكتشاف جديد في علم الإدارة بين دمج مؤسستين هنا، وإلغاء شركات هناك، أو تعديل في خط إنتاج معين ما يوفر “فرنكات”، وتقديم الوعود بإنتاج أمور تقنية أغلب مكوناتها وتقنياتها مستوردة، فيكون مردودها شبه معدوم، إضافة إلى الدخول في مخاطر التقادم التقني السريعة في الصناعات الحديثة وخاصة المرتبطة بالطاقات المتجددة أو الصناعات الإلكترونية المتطورة.
ماذا أنجزت وزارة الصناعة خلال السنوات القليلة الماضية؟ توفيراً في مادة الفيول في معامل صناعة الإسمنت، التي أصلاً تعاني من تهالكها وصعوبة تجديدها، وركود قطاع الإنشاءات بسبب التضخم المتصاعد بلاتوقف.
حققت الربح في قطاعات احتكارية كالتبغ والمياه، بينما لم تستطع التوصل إلى معادلات تفضي إلى صناعات غذائية نحتاجها جميعاً من مزارعين يعانون تكدس إنتاجهم من الخضراوات والفواكه في المواسم، وصولاً إلى مواطنين يتعرضون للاستغلال من قبل الصناعيين لعدم وجود قطاع عام صناعي رائد يقود دفة السوق ويوجهها نحو تحقيق المكاسب للجميع من منتجين ومستهلكين وتجار.
استمرار الانتظار والوعود وإطالة الدراسات، والتردد والخوف، سيؤدي في النهاية إلى خروج ما تبقى من القطاع العام من دائرة المنافسة والحسابات، وسنجد أنفسنا أمام شركات ومؤسسات تغلق أبوابها لعدم كفاءة إنتاجها، تبحث عن شريك من القطاع الخاص ينقذها أو يشتريها “بتراب المصاري”.
عالم الاستثمار يحتاج إلى طريقة تفكير وعمل مرنة، لا إلى سنوات من العمل المكتبي النظري عديم الفائدة والجدوى، فهل نستيقظ ونعمل كباقي مؤسسات العالم؟!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة