الاقتصاد السوري في 2024 بين رفع الأسعار والدفع الإلكتروني فهل ينجو؟… خبير اقتصادي لـ«غلوبال»: محاولات لتأجيل الانهيار المالي والتضخم النقدي الجامح القادم
خاص دمشق – بشرى كوسا
لا يختلف العام الحالي عن سابقاته من السنوات الثلاث الماضية، التي اتصفت جميعاً أنها كانت شاهدة على الانحدار الحاد في الاقتصاد وارتفاع التضخم لمستويات قياسية، وفي خط مواز يسير ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية، مع ملاحظة تراجع حاد في العملية الإنتاجية لارتفاع التكاليف لمستويات غير مسبوقة، على الرغم من الأحاديث عن الجهود من أجل دعم مشاريع التنمية كطوق نجاة.
كما انعكست الخسائر الواسعة التي مُنيت بها الليرة السورية على مدار السنوات الماضية، أمام القطع الأجنبي على معيشة المواطن الذي باتت غالبيته تحت خط الفقر العالمي، في وقت يرى كثير من خبراء الاقتصاد أن رفع الأجور لم يعد حلاً، فيما تصر فيه الحكومة على سياسة رفع الأسعار “رفع أسعار الغاز والكهرباء والمشتقات النفطية والاتصالات والمواصلات..”.
وفي ظل هذا الواقع الصعب برزت أصوات تدعو إلى سحب الفئات النقدية الصغيرة من التداول في الأسواق مثل ورقة الـ 200 و500 ليرة، وطباعة أوراق نقدية من فئة الـ 10 و25 ألف ليرة لسهولة التعامل وتخفيف مظاهر التضخم في العملية بأيدي المواطنين.
وتعقيباً على كل ما سبق، الخبير الاقتصادي جورج خزام أكد لـ«غلوبال» أنه من الخطأ سحب الفئات الصغيرة من 200 و 500 من التداول، مضيفاً: إنه من الخطأ أيضاً إصدار فئة صغيرة من 10 آلاف ليرة فقط التي تعتبر فئة صغيرة لحاجة السوق بالمقارنة مع فئة 25 ألف ليرة.
وحول مبررات ارتفاع أسعار السلع الخدمية، أوضح خزام أن الارتفاع المستمر بأسعار الكهرباء المشتقات النفطية وغيرها تعتبره الحكومة ضروري لخفض العجز في الموازنة العامة ولتأمين مصادر مالية لتمويل الإنفاق الحكومي بمختلف أشكاله.
مضيفاً: ولكن بالحقيقة كل ذلك يعني ارتفاعاً كبيراً في تكاليف الإنتاج ومعه ارتفاع أكبر بالأسعار بالسوق يدفع ثمنه الموظف الحكومي أولاً قبل باقي طبقات الشعب، لأن دخله ضعيف جداً، كما أن أي زيادة بالأسعار تعني ضياع جزء كبير من القوة الشرائية لراتبه الشهري، ومعه تراجع القوة الشرائية لليرة السورية وللرواتب الضعيف، وكأن الحكومة لا تملك أي خطة اقتصادية ولا يوجد فيها خبراء بالاقتصاد لمعالجة الأزمة الاقتصادية في سورية.
واعتبر خزام أن كل رفع لأسعار الكهرباء والمشتقات النفطية وغيرها ليس حلاً للأزمة الاقتصادية، وإنما هو تأجيل للانهيار المالي و التضخم النقدي الجامح القادم.
لأن طريقة التفكير هي بالجباية فقط لتغطية الإنفاق الحكومي العام دون التفكير بوضع الخطط لرفع قيمة الليرة السورية وزيادة الإنتاج القابل للتصدير والبديل عن المستوردات من خلال تحرير الأسواق من قيود حركة الأموال البضائع التي وضعها المركزي واللجنة الاقتصادية بحجة تخفيض الطلب على القطع الأجنبي، والتي كانت السبب المباشر بتحويل الاقتصاد الوطني إلى خردة.
كما أن النتيجة الحتمية لارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب قرارات الحكومة هي انهيار الصناعة والتجارة والزراعة، وتراجع الصادرات والمزيد من البطالة والكساد.
وفي معرض رده على أهمية الدفع الإلكتروني في الحد من التضخم النقدي، شدد خزام على أن الدفع الإلكتروني لاعلاقة له أبداً بالحد من التضخم لأن كتلة الأموال التي سوف يتم سحبها من التداول بالسوق، وسوف يتم تجميدها بالمصارف لزوم الدفع الإلكتروني لا تشكل سوى نسبة ضئيلة جداً لا تذكر من كتلة الأموال المتداولة بالليرة السورية في الأسواق.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة