تحت رحمة المضاربين.. المستأجرون ضمن دوامة محدودية الخيارات والبدائل معدومة…خبير عقارات لـ«غلوبال»: سيستمر الارتفاع طالما بقيت المضاربات أفضل من الاستثمار
خاص دمشق – زهير المحمد
ارتفاع تلو ارتفاع، أمر اعتاد عليه من يضطر لاستئجار منزل يؤويه هو وعائلته، فما باليد حيلة فشراء منزل هذه الأيام أمر من سابع المستحيلات أن يتحقق فسعر أقل منزل بآخر “ماعمر الله” وبضواحي بعيدة عن مركز المدينة وتنقصها الخدمات الرئيسية من مياه ونقل وغيرهما، يتطلب مئات الملايين من الليرات السورية، ليبقى خيار استئجار منزل أخف وطأة وحلم من الممكن تحقيقه بعد شق الأنفس.
لكن أسعار الإيجارات ترتفع من شهر لآخر، وهناك من يدفع الزيادة إما لأن لديه من يزوده باحتياجاته المالية عبر الحوالات، أو مذعناً، كما تصف الأمر السيدة رهف لـ«غلوبال»، إذ تقول: استأجرت أنا وأمي منزلاً في حي المزة 86 منذ عام بمبلغ 1.2 مليون ليرة شهرياً، وعندما تواصلت مع صاحب المنزل المكون من “غرفتين، كسوة عادية، طابق ثالث”، تفاجأت بطلبه لمبلغ 1.8مليون ليرة، وعندما سألته عن سبب هذا الارتفاع الكبير، أجاب: يمكنك السؤال، مردفاً إن لم يعجبك السعر يمكنك الانتقال، إذ يمكنني تأجيره بمليوني ليرة “عالحارك”، مبيناً أنه يمتلك منزلاً آخر مساحة مئة متر، في منطقة أفضل بقليل من منطقتنا ضمن الـ86، كتب عقداً لتأجيره بمبلغ 3 ملايين ليرة شهرياً.
وتضيف رهف: بالفعل بدأت البحث عن منزل آخر في نفس المنطقة، ووجدت أرخص بقليل “1.5 مليون ليرة شهرياً”، لكن عندما قمت بحساب تكاليف النقل وصعوباته وجدت نفسي مرغمة على قبول تجديد العقد، إذ قد تكلفنا من 3 إلى 4 ملايين، ناهيك بالأضرار التي قد تحصل أثناء ذلك، وعمولات أصحاب المكاتب العقارية.
بينما يوضح المهندس محمد أنه جاء من حمص بعد تعيينه في دمشق، لكنه وجد أن إيجار منزل متواضع في أحياء المخالفات يحتاج إلى ما يعادل ستة أضعاف راتبه، على الأقل، لذلك يسكن الآن في منزل مع شباب استأجروه بشكل مشترك، واصفاً إياه بالمغارة، وأنه يعمل في شركة خاصة لذلك يمكنه أن يأكل ويشرب فقط، معلناً أنه بانتظار أقرب فرصة سفر للهروب من هذا الجحيم.
أبو باسل صاحب أحد المكاتب العقارية في حي المزة 86، شرح لـ«غلوبال» أسباب هذه الارتفاعات المستمرة، مبيناً وجود حركة شراء كبيرة للمنازل في مناطق المخالفات، أسعارها بمئات الملايين، وهناك أشخاص أصبحت مهنتهم شراء المنازل و”نفضها” بشكل ممتاز في حال رغبوا في بيعها، أو بشكل عادي إن أرادوا تأجيرها، ومعلوم أن أسعار المواد بارتفاع مستمر، وأجور العمال أصبحت كبيرة جداً، لذلك فمن الطبيعي أن يكون اتجاه الإيجارات تصاعدياً.
مؤكداً أن ذلك سيستمر طالما بقيت معدلات التضخم مرتفعة، وعدم وجود فرص للناس حتى تستثمر أموالها في استثمارات حقيقية، لذلك سيتجهون نحو المضاربات بمختلف أشكالها، ومن ضمنها العقارات، ولاسيما في مناطق المخالفات، لأن العقارات في المناطق المنظمة تحتاج إلى أرقام “مليارية”.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة