الهزات… وفقدان الثقة بالسلامة الإنشائية
خاص غلوبال – زهير المحمد
حالة من الرعب عاشها معظم سكان بلاد الشام، في سورية ولبنان والأردن وفلسطين المحتلة على وقع هزة أرضية خفيفة لم تصل قوتها إلى خمسة ونصف درجة على مقياس ريختر، وسبب هذا الخوف ليس شدّة الزلزال، وإنما لأسباب أخرى يأتي في مقدمتها المآسي التي خلفها زلزال شباط قبل الماضي الذي ضرب شمال تركيا والمنطقة، وتسبب بتهدم مبانٍ ووقوع ضحايا وخسائر مادية وبشرية رغم البعد النسبي لمركز الزلزال.
كما يضاف إل أسباب هذا الهلع الذي يتكرر مع كل هزة أرضية، وإن كانت غير مدمرة، اقتناع السكان بأن منازلهم لا تتوفر فيها عوامل الأمان والأكواد الزلزالية، وأن بعض الأبنية تنهار ليس بسبب شدّة الزلزال، وإنما بسبب الغش الذي يمارسه تجار البناء، وآليات الربح السريع الذي يسعون إليه، من خلال التقليل من حديد التسليح ومن نسبة الإسمنت في الخلطات البيتونية، وسوء التصميم والإشراف والتنفيذ، وعدم التقيد بتجهيز الأرضية المناسبة التي تساعد البناء على مقاومة الزلازل.
هذا الخوف أدى إلى تكرار حوادث التدافع ورمي البعض أنفسهم من الشرفات، ما سبب عشرات الإصابات بكسور وجروح ورضوض، بل وحدوث وفيات.
فيما تحصل في اليابان عدة زلازل يومياً وبشدة قد تتجاوز سبع درجات مترافقة بـ”التسونامي” دون أن يشعر الناس بالخوف، إذا تواجدوا في بيوتهم أو في الأماكن العامة، ودون توقف القطارات لأن البنية التحتية والمساكن تم تشييدها لتكون مقاومة للزلازل.
وبالعودة إلى الوضع الإنشائي لدينا والأوضاع الفنية للأبنية في مناطق المخالفات، وحتى في الأماكن المنظمة فكلها لا تساعد على ثقة السكان بأماكن سكنهم، وببساطة يعتبرون أن الهروب إلى الشارع حتى لو عبر القفز عن الشرفات يحقق لهم أقصى درجات الأمان، بينما من المفترض أن يحقق المسكن أعلى درجات الأمان، لأن الكثيرين يفقدون حياتهم عندما يتدافعون أو عندما يقفزون.
كل ما أوردناه آنفاً يتطلب جهوداً كبيرة من البلديات لتقييم الوضع الفني للأبنية القائمة، والحرص على تأمين المواصفات الفنية الكفيلة بمقاومة الزلازل في الأبنية والمنشآت التي يتم تشييدها مستقبلاً.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة