الصناعات الغذائية في خطر
خاص غلوبال – زهير المحمد
كرمت الأردن قبل أيام رجل أعمال سورياً وذلك بسبب جودة صناعاته الغذائية وارتفاع الطلب عليها لأنها تتناسب وأذواق المستهلكين، وبالتأكيد تتناسب أسعارها مع دخولهم، قد يكون الخبر عادياً لكنه يخفي وراءه الكثير من الأسئلة حول مستقبل الصناعات الغذائية السورية، التي غزت العديد من الأسواق العربية والأوروبية وذلك لسببين، الأول لأن معظم مكوناتها طبيعية ومطابقة للمواصفات العالمية، والثاني لأن أسعارها منافسة للمنتجات المستوردة من بلدان أخرى.
قبل سنوات سافر أحد أصدقائي إلى بلجيكا، وقال: لقد فوجئنا بوجود أصناف عديدة من المنتجات الغذائية السورية في واجهات المتاجر، وتأكدنا من زيادة الطلب عليها، ومن تلك المنتجات رب البندورة الذي يجد إقبالاً كبيراً من الأوروبيين عليه، ويفضلونه على المصدر الإيطالي، على الرغم من غزارة إنتاج البندورة في إيطاليا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي، وعراقة صناعة رب البندورة لديهم لأسباب ذكرناها.
والسؤال المهم هنا هل يستطيع أصحاب المصانع الغذائية السورية الاستمرار بتفوقهم بالنوعية وبالأسعار وبالكميات وبما يرضي المستهلكين بالداخل وبالخارج، ويتناسب مع قدرتهم الشرائية في الداخل؟.
أعتقد أن الاستمرار بذلك يبدو صعباً بعد أن شفط المصدرون معظم المنتجات الزراعية وتسويقها خارج القطر، ما أدى إلى ندرتها وتردي نوعيتها وارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية، حيث وصل سعر كيلو البندورة في الأيام الماضية إلى عشرة آلاف ليرة، وثمانية آلاف ليرة للأصناف الرديئة، فهل تستطيع معامل رب البندورة الاستمرار بإنتاج النوعية الجيدة وبأسعار منافسة؟ وقس على ذلك في بقية الصناعات الغذائية.
يوم أمس حذر رئيس اتحاد فلاحي اللاذقية من تلاشي محصول البندورة الشتوي، لأن المزارعين يبحثون عن زراعات أقل تكلفة وأفضل سعراً، وبين القلة والكثرة وبين التصدير والتصنيع يبحث المستهلكون عن ضالتهم وعن استقرار بالأسعار وعن تناسب العرض مع الطلب، فلا يجدونها بل يتوقعون الأسوأ لغياب الضوابط التي تحقق مصلحة المنتجين والمستهلكين، والتي تسمح للمصدر أن ينتزع اللقمة من فم المستهلك إذا وجد من يشتريها بالعملة الصعبة كما يحصل الآن.
إن هذا الفلتان في الأسواق وفقدان الضوابط التي تحكم عملية التصدير والظروف المناخية والخطط الزراعية يحتاجان لإعادة تقويم شاملة تنصف الجميع وترشح صناعاتنا الغذائية إلى مزيد من التميز في الأسواق العربية والعالمية، دون أن يعجز المستهلك المحلي عن شراء احتياجاته منها وبما يتناسب ودخله المتواضع.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة