الخطر الداهم…ولجنة لمجابهته!
خاص غلوبال – هني الحمدان
التغيرات المناخية تشكل تحدياً خطيراً للأمن الغذائي والمعيشة الريفية بالدول النامية الواقعة في المناطق الجافة، وبلدنا ليس بمنأى عن تبعات التغيرات المناخية الطارئة، وما عملته في قطاعي الزراعة وشح المياه، فأنهار الأمس الغدقة صارت اليوم جافة، وزراعات الغلة الوافرة لم تعد كذلك، وتغيرات متنوعة كلها تنبىء بتحولات خطرة، وعلى دول العالم أن تتضامن لمعالجة انبعاث الغازات واستقطاع الغابات ومخلفات الصناعة وعوادم السيارات، والبدء فوراً في تطوير الدول البحوث الزراعية واستنباط أصناف ملائمة ذات إنتاجية عالية ومقاومة للأمراض وبتكاليف أقل.
حكومتنا في آخر أيامها كما يقال، استفاقت على هول ومخاوف التغيرات المناخية الآخذة بالتمدد عاماً بعد عام، تدارست وتناقشت بحضور بعض السادة الوزراء وحضور بعض الممثلين عن منظمات وإدارات رسمية وخاصة، وارتأت تشكيل لجنة وطنية مختصة بالتغيرات المناخية، ودعم عملها ونهوضها للتصدي لوضع وبلورة صيغ للعمل وفقها.
بالمجمل الاستعداد لأي عمل أو مجابهة يصب في إيجابية حسن الاختيار والتصرف لاحقاً، لكن هل الأمر رغم قسوته ومفرزاته القاسية تكفيه لجنة فقط وانتهينا..؟!.
ياسادة.. الوضع سيىء، زراعات لم تعد تكفي والأمن الغذائي للمواطن السوري مهدد، مياه جوفية استنزفت تماماً، ومياه ينابيع أو تلك الصالحة لأغراض الشرب لم تعد تكفي فهي إلى تراجع، ومن يشاهد مجرى نهر الفرات العظيم وبردى من قبله، يجب أن يحس بالخطورة القادمة، ومامدى التغير المناخي وأثره على كل القطاعات..!.
التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، أشارت إلى أن دولاً عربية عدة صارت ضمن قائمة الدول الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، وأشارت إلى أن الأمن الغذائي العالمي بدأ بالتفاقم وعلى المستوى الخطر، فرقع التصحر تتسع، وزيادة في مساحات المناطق الجافة لترتفع أسعار الغذاء في العالم بنسبة 65%، وأن التغير المناخي أصبح قضية خطيرة تواجه الزراعة عالمياً، لأنها تسبب نقصاً كبيراً في الإنتاجية الزراعية، وبنسب عالية تقترب في بعض المحاصيل من 40% من الإنتاجية الحالية.
على الحكومات ونحن منها، أن تبدأ فوراً في البحث عن الأساليب والوسائل التي تمكنها من مواجهة هذا الخطر، والاستفادة من أرصدتها المالية في بناء المخزون الاستراتيجي للغذاء، وترشيد استخدام المياه بعد تراجع النسب لحدود خطيرة جداً.
الدراسات تشير إلى أن ظاهرة التغير المناخي خلال العقدين الماضيين كان لها الأثر الأكبر في خفض إنتاجية المحاصيل الزراعية العالمية بنسب تتراوح بين 11% للأرز و17% للقمح و22% للشعير و28% لفول الصويا، وذلك في الوقت الذي يزيد فيه الاستهلاك المائي للمحاصيل بنحو 10% للذرة و17% للأرز و18% للقمح، كما أن تراجع هطل الأمطار أصبح يهدد المناطق الجافة، التي تصل مساحتها إلى 41% من مساحة الأرض ويسكنها 25% من شعوب العالم، لذا يؤثر التغير المناخي سلباً على الأمن الغذائي العالمي، حيث يتناقص الإنتاج لندرة الأمطار وارتفاع درجة الحرارة، ما يهدد بعض المناطق بالغرق والفيضانات نتيجة ذوبان الجليد، بينما تصاب المناطق الأخرى بالنقص الحاد في المياه لتزداد رقعة التصحر وانحسار الغطاء النباتي في أراضيها.
وهل سورية بعيدة عن التغيرات المناخية..؟!، حكماً لا هي مهددة بالتصحر والجفاف، وبدأت تعاني ليس بقطاع الزراعة فقط، بل تراجع نسب المياه فيها وبأشكالها ومصادرها، كلها مسائل يجب مجابهتها بكل الوسائل والخطط الناجعة، ليس الاكتفاء بتشكيل لجنة للمتغيرات المناخية ودعمها إعلامياً ولوجستياً، بل بخطط عميقة تتناول كل المجالات، ووضع سيناريوهات مناسبة لموجات الجفاف، مع الترشيد الأكبر لكل قطرة ماء.
تغيرت الحسابات هكذا يجب أن يكون فعلاً، والحفاظ على كل قطرة ماء أولوية قصوى، فماذا أنتم فاعلون؟!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة