“السورية للتجارة” لاتنافس التجار!؟
خاص غلوبال ـ علي عبود
نادراً مايمدح أحد “السورية للتجارة”، والكثيرون يجزمون بأن أسعار معظم موادها أغلى من الأسواق والبقاليات، ومع ذلك فإن غالبية صالاتها تشهد ازدحاماً على مدار الساعة، ونشاهد طوابير من الزبائن بانتظار دفع أثمان مشترياتهم!.
وإذا كانت أسعار“السورية للتجارة” ليست في متناول أصحاب الدخل المحدود إلا في الأيام الأولى من كل شهر، فهذا بسبب الآليات التي تعمل بها، فإدارتها لم تُخطط يوماً لمنافسة التجار، بل هي حريصة على عرض منتجاتهم ومستورداتهم في أمكنة بارزة من صالاتها.
نعم، السؤال: لماذا لاتنافس “السورية للتجارة” التجار وهي التي تنتشر صالاتها في كل المناطق والأحياء، بعضها قرب أو في مراكز الأسواق، والبعض الآخر في الضواحي والأطراف؟.
قد يكون السبب في عجز “السورية للتجارة” عن المنافسة هو أن 60 % من المواد المستوردة وخاصة السلع الغذائية، باعتراف جمعية حماية المستهلك، محتكرة من قبلة قلة من التجار، أي إن النفي الدائم لوزارة الاقتصاد أو التجارة الداخلية بعدم وجود احتكار غير دقيق، بل إن عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق أكد مؤخراً أن سورية تُعد أكبر سوق احتكاري في الشرق الأوسط.
وبما أن النشرات التي تصدرها وزارة التجارة الداخلية برأي كل من المنتجين و“حماية المستهلك” لاتنسجم مع التكاليف للسلع المصنعة والمصدرة، فلماذا لاتستعيض عنها الوزارة بالتسعير الفعلي في صالاتها فتكون بالتالي البديل المنافس للتجار بدلاً من الانشغال بمخالفتهم؟.
ولعل العامل الأساسي في انتشار ظاهرة الاحتكار هي امتناع الكثير من التجار وأصحاب المحال عن البيع خشية المخالفة، مايؤدي إلى قلة العرض وتذبذب الأسعار من سوق إلى آخر، بل بتباين بالأسعار بين محل وآخر في السوق الواحد!.
ونرى أن أسعار السلع والمواد في صالات “السورية للتجارة” يجب أن تكون دائماً (مثل مادة اللحوم) أرخص من مثيلاتها في الأسواق، وبالتالي لامبرر لصدور نشرات أسعار تساهم بزيادة الاحتكار أكثر فأكثر.
وبما أن غرف التجارة مصرة على رفضها لقرار تخصيص 15 % من مستورداتها لمصلحة “السورية للتجارة”، فإن البديل قيام وزارة التجارة باستيراد المواد الأساسية كالسكر والأرز مباشرة، كما كانت تفعلها في تسعينيات القرن الماضي، وعنده ستنافس التجار وفرض التسعيرة المناسبة التي تلغي الاحتكار.
والأهم أن تبدأ “السورية للتجارة” بشراء احتياجاتها من الخضر والفواكه مباشرة من الفلاحين أو بإبرام عقود مع بعضهم يزرعون لحسابها محاصيل أساسية كالبطاطا والبصل والثوم والبندورة..إلخ.
والأكثر أهمية أن تخصص “السورية للتجارة” أجنحة كافية ووافية لبيع منتجات أصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بأسعار تنافس مثيلاتها المستوردة أو المصنعة من قبل القطاع الخاص، بما يتيح لها فعلاً منافسة التجار والمصنعين الذين تمرسوا باحتكار الأسواق والأسعار.
الخلاصة: آن الآوان لوزارة التجارة الداخلية أن تمارس التدخل الإيجابي بالأفعال وليس بالأقوال، وهي قادرة على المنافسة وكسر احتكار الأسواق والأسعار من خلال آليات عمل جديدة في صالاتها المنتشرة في كل مكان.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة