فجأة “بوووم”…كل شيء تفجّر واختفى!
خاص غلوبال ـ علي عبود
يوحي قادة العدو للمراقب الخارجي أنهم قضوا على القوة الضاربة للمقاومة اللبنانية، وتحديداً الصاروخية، وعلى قوة الرضوان، وعلى قيادات حزب الله، وإن عملية إقامة منطقة عازلة داخل لبنان باتت وشيكة بعد عملية برية ساحقة وماحقة.
وإذا كان الإعلام الغربي، وينافسه في ذلك الكثير من الإعلام العربي يُروّج لهذه الأكذوبة فإن الوقائع تؤكد تكرار سيناريو حرب تموز 2006، بدليل أن صواريخ جديدة لحزب الله أكثر تدميراً وأطول مدىً لاتزال تنطلق من الحدود، وليس من الداخل وتصيب مقتلاً في العمق “الإسرائيلي”،المشهد الميداني يقول: “إسرائيل” تستهدف القرى الآمنة والمدنيين والمقاومة تستهدف المواقع العسكرية.
والسؤال: إذا كان هدف حكومة العدو من ارتكاب المجازر ضد اللبنانيين وتحويل الحدود داخل لبنان إلى منطقة محروقة، هو إعادة المستوطنين إلى الشمال، فعن أيّ شمال يتحدثون؟.
مسار الحرب الوحشية على لبنان المندلعة منذ أسبوع تؤكد أن حزب الله ترجم تهديده بزيادة عدد المهجرين من خلال استهدافه لمواقع عسكرية جديدة بدأت تصل إلى داخل “تل أبيب” وأرغمت أكثر من مليون مستوطن النزول إلى الملاجئ، أو الهروب إلى الداخل بعيداً عن صواريخ المقاومة اللبنانية.
حسناً، لنفترض أن حكومة العدو أوقفت حربها الوحشية على غزة باعتبار وقف إطلاق النار هو الوسيلة الوحيد لوقف جبهة لبنان المساندة لقطاع غزة وإعادة المستوطنين إلى الشمال، فالسؤال مجدداً: إلى أيّ شمال سيعود المستوطنون؟.
كلنا نتذكر أن حكومة العدو هدّدت مراراً وتكراراً في الأعوام القليلة الماضية أنها ستعيد لبنان إلى العصر الحجري، في حين يؤكد كل من زار شمال فلسطين المحتل أنه هو من أعاده حزب الله خلال أقل من عام إلى العصر الحجري.. هل نبالغ؟.
كلا، كل المنشآت والشركات الصناعية والزراعية والسياحية والمختبرات التكنولوجية، وخاصة المعنية بقطاعي الزراعة والغذاء المستقبلين في الشمال مغطاة بالغبار، وأعلنها مؤسسو تلك الشركات بصوت عالٍ لحكامهم ولإعلامهم: “كل شيء تدمر هنا، وعدنا إلى العصر الحجري على مستوى القدرات”.
نعم، حكومة العدو قد تكون مهتمة بإعادة المستوطنين، لكنها مهتمة أكثر بالشمال لكونه “درة البلاد”، ففيه استثمرت أكثر من 70 مليار دولار في غرس الحراج والغابات وزراعة الحقول وإقامة المصانع والشركات وجعلته بيئة جاذبة للمستوطنين، وفجأة تحول الحلم إلى كابوس أسود ومرعب، فقد أحرقت صواريخ حزب الله وطائراته الانقضاضية بحدود 198 ألف دونم ومساحة 146 كيلومتراً مربعاً من النباتات حسب اعتراف وزارة حماية البيئة “الإسرائيلية”.
ولم يقتصر الأمر على خسائر الغطاء الحراجي والنباتي لشمال فلسطين المحتلة، بل طالت الخسائر أيضاً وفقاً لقناة (12) “الإسرائيلية” استثمارات تعود لـ 82 شركة تعمل في خمس مناطق صناعية وثمانية مراكز تطوير و35 مجموعة بحثية، كلها حسب القناة 12 “ذهبت مع أدراج الرياح”.
هذا الواقع في الشمال الذي عاد إلى العصر الحجري بفعل صواريخ حزب الله عبّر عنه بدقة الدكتور “أوفير بنيامين”، من كليّة العلوم الغذائية بجامعة “تال حاي” وهو يتجوّل برفقة موفد القناة 12: “إن أشخاصاً ذوي كفاءة جداً أنهوا دراساتهم الأكاديمية وأتوا للعيش في الجليل، أقاموا أعمالاً ومصادر دخل وبنوا أسرهم في المستوطنات، اقتنوا منازل وفجأة (بوووم) كل شيء تفجّر واختفى”!.
وإذا كانت جميع الشركات غادرت الشمال وانتقلت إلى أماكن أخرى أو هاجرت فهذا يعني حسب أصحابها أن كل مانفذته حكومة العدو من مشاريع واستثمارات إنهار دفعة واحدة “وعدنا إلى العصر الحجري من حيث القدرات”!.
وهاهي (نوغا سيلع شيلو) المديرة التنفيذية لـ “بودكت” الشركة التي تضم الشركات والمختبرات التكنولوجية المعنية بـ “تقانة الغذاء” أي بكل مايتصل بالمادة الغذائية تعلن: “جميع الشركات الناشئة في كريات شمونة ضبت أغراضها وحملت موظفيها وانتقلت إلى مكان أكثر أمناً”، وهي قطعاً لن تعود حتى لو عاد الهدوء إلى الشمال، لأنه سيبقى هدوءاً مؤقتاً قابل للانفجار مجدداً.
والواقع لايختلف أيضاً في القطاعات الأخرى، فالحرب طالت القطاع الزراعي وكبدته خسائر فادحة وإصلاحه سيستغرق أكثر من ست سنوات!.
لم تتوقع حكومة العدو استناداً إلى حروبها السابقة ضد لبنان أن الشمال سيكون هدفاً اقتصادياً سهلاً وثميناً، وفي حين كانت حساباتها في الحرب الدائرة الآن أنها ستدمر صواريخ حزب الله وتعيد بقوة الطيران أو بعملية برية المستوطنين إلى الشمال، فقد فوجئت بأن الحزب وسّع هجماته إلى العمق، وأصبح القسم الأكبر من الشمال تحت مرمى صواريخ المقاومة.. ماذا يعني ذلك؟.
يعني مجدداً ( فجأة بوووم.. 700 مصنع وشركة توظف حوالي ثلث إجمالي القوى العاملة الصناعية في “إسرائيل” سيتفجّر ويتبخّر قريباً جداً) إن لم يتوقف العدوان على لبنان سريعاً قبل فوات الآوان!.
ستكتشف “إسرائيل” خلال أيام تعطيل ثلث عمالتها الصناعية ماسيكون له عواقب وخيمة جداً على الدورة الاقتصادية وعلى حجم الإنتاج، وبالتالي سيؤدي استمرار الحرب إلى نقص في السلع وعجز في التصدير، وسيضطر أصحاب المصانع الأجانب إلى المغادرة إلى الخارج في حال استهدافها بصواريخ المقاومة.
أكثر من ذلك، تضم المنطقة الشمالية وتحديداً “حيفا” قطاعات مهمة لتكرير النفط والكيماويات والكهربائيات والغذائيات الخ..، وهي ليست بمنأى عن صواريخ المقاومة أي “فجأة بوووم.. كل شيء سيتفجر ويختفي”!.
الخلاصة: أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم 6/9/2024: (أنّ ما يملكه العدو من مقدّرات في الشمال ومصانع استغرق إنشاؤها 34 عاماً تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات يمكن تدميرها في ساعة واحدة، وحتى في نصف ساعة) وقد استهدفت صواريخه في العمق “يوكنعام” يوم 24/9/2024 التي تضم منطقة صناعية وشركات “هايتك”، أي كل هذه المليارات: فجأة بوووم.. ستتفجر وتختفي من الشمال قبل عودة ماتبقّى من المستوطنين!.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة