تمنياتٌ لم ترقَ لقرارٍ يوقف “النار”
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
هل يكفي النداء الذي أصدرته أمريكا بالاشتراك مع فرنسا وعدد من الدول الغربية والعربية لوقف إطلاق النار في لبنان لثلاثة أسابيع، ما قيمة هكذا بيان إذا كان لا يختلف كثيراً عن النداءات التي تصدر عن أي مؤسسة اجتماعية أم دينية، مع احترامنا الشديد لدورها الإنساني المندّد بالعنف والإجرام والعدوان الصهيوني الحاصل؟.
بدلاً من هذا النداء الذي صدر باشتراك دول غربية تشغل مقاعد دائمة في مجلس الأمن، كان بالإمكان إصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار فوراً وبالإجماع، لأن حتى الصين وروسيا تطالبان أيضاً بوقف إطلاق النار وإنهاء مسلسل الإبادة التي تمارسه “إسرائيل” بسلاح أمريكي، وبتغطية سياسية ومشاركة مع إدارة بايدن.
وبالتالي فإن البيان أو النداء الذي تم إصداره هو فقط للمتاجرة بعواطف الناس في الغرب وبقية أرجاء العالم لشراء المزيد من الوقت لنتنياهو لتدمير المزيد من المنشآت المدنية، وقتل المزيد من الأطفال والنساء، واستخدام الصواريخ الأمريكية في المزيد من مشاريع الإبادة.
لم يتأخر نتنياهو في ردّه الرافض للنداء – الذي لا يساوي الحبر الذي كتب فيه – مؤكداً أنه لن يفاوض إلا تحت النار، ولن يوقف الحرب في غزة حتى يحقق أهدافاً توهمها قبل عام تقريباً، ولم يحقق منها إلا المزيد من الإجرام والدمار وقتل المدنيين، مع مواصلته الهروب إلى الأمام نحو هدف جديد عبر قفزه بعدوانه نحو القرى والبلدات اللبنانية.
فيما تشهد مئات الصواريخ المنطلقة من غزة ومن المقاومة اللبنانية التي تستهدف البنية العسكرية الإسرائيلية بأن قوى المقاومة لا يمكن القضاء عليها أو حتى إضعاف إرادتها وتصميمها في التصدي للعدوان على الرغم من اختلال موازين القوى.
ورغم اجتماع مجلس الأمن لتأكيد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، كان بايدن في الأزقة الخلفية يحيك نداءه الصميدعي، ولو كان جاداً في مساعيه لحضر إلى المجلس على الأقل لتحويل بيانه قراراً، مع ممارسة ضغط حقيقي على “إسرائيل”، وتهديدها بوقف صفقات السلاح ورفع الحماية السياسية والدبلوماسية عنها.
ولكن هيهات أن يحصل ذلك، فالقصف الإسرائيلي على قطاع غزة والقرى والبلدات اللبنانية في الشمال والجنوب والبقاع وفي بيروت هو إمعان في ارتكاب الجرائم، ورفض لكل ما تقرّره الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وما يصدره الأمريكان والأوروبيون والعرب وحتى الفاتيكان، لأن “إسرائيل” التي تلعق دماء شعوب المنطقة منذ عام لم تعد تكترث بأي بيانات ومبادرات، حتى لو انطلقت من فم بايدن ذاته؛ لأن “إسرائيل” تعايشت مع إستراتيجية التمني التي تنتهجها إدارته.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة