تأخرتم كثيراً… نحن بانتظاركم!
خاص غلوبال ـ علي عبود
مجرد سؤال: هل هي مصادفة أن تهاجم إيران قواعد عسكرية قرب “تل أبيب” بأكثر من 200 صاروخ بعضها فرط صوتية يصعب اعتراضها، بعد زيارة خاطفة لرئيس وزراء روسيا لطهران؟.
مهما كان الجواب فإنه بعد الرد الإيراني الذي “برّد” رؤوس قيادات العدو الحامية، فإن الأعين متجهة منذ أيام إلى بدء الغزو البري للبنان الذي بدأ “إعلامياً” في الوقت الذي تستعد فيه المقاومة اللبنانية لاستقبال قوات “الوحش الإسرائيلي” بالحفاوة التي يستحقها ولسان حالها يقول للعدو: تأخرتم كثيراً… قوة الرضوان بانتظاركم، بات السؤال بعد الرد الإيراني: هل سيفعلها “نتنياهو” ويوقع أمر غزو لبنان براً بعدما غزاه جواً؟.
الملفت أن أمريكا ليست وحدها المتحمسة إلى عملية برية تسحق المقاومة اللبنانية وتطردها إلى “مابعد بعد“ جنوب الليطاني وتجردها من قوتها الصاروخية، بل هناك الكثير من الأنظمة العربية التي “انتشت“ باغتيال الشهيد حسن نصر الله وتحثّ “نتنياهو” على الغزو البري للبنان كي يعمل على “اجتثاث“ المقاومة من جذورها.
نعم، ترى المصادر العربية الناطقة بلسان أنظمتها عبر تسريباتها للإعلام العربي المتصهين بأن العدو مستمر في “مسار إنتصاري“، وبأنه لن يتراجع عن تحقيق أهدافه المعلنة وهي، القضاء على حزب الله أولاً، لينتقل بعدها إلى ضرب “أذرع“ إيران في سورية والعراق واليمن، وصولاً إلى استدراج إيران إلى احتكاك يسمح لها بفتح حرب ضدها بمشاركة الولايات المتحدة ودول غربية أخرى في مقدمتها بريطانيا “العظمى“.
حسناً، ها هي إيران تحقق رغبة أو مسعى كل من “نتنياهو” والأنظمة العربية “المتأسرلة” وبالتالي السؤال: هل ستنخرط أمريكا مع “إسرائيل” بحرب إقليمية مع إيران ستتطور سريعاً إلى حرب عالمية؟.
إيران تنتظر العدوان ورسالتها واضحة للأمريكان: إذا تدخلتم سنستهدف كل قواعدكم العسكرية في المنطقة، مثلما هي رسالة المقاومة اللبنانية للعدو “الإسرائيلي”: لقد تأخرتم كثيراً بالغزو البري.. قوة الرضوان تنتظركم.
لقد حاول الإعلام الأمريكي بتوجيه من إدارة بايدن والبنتاغون نصب كمين للمقاومة اللبنانية فبدأ فجر الأول من الشهر الحالي ببث أخبار عاجلة تناقلتها بشكل مريب محطات التلفزة العربية المتأسرلة، والتي جزمت بأن العدو بدأ بعملية برية سريعة ومحدودة المساحة والزمن لطرد قوات حزب الله من الحدود إلى مسافة بعيدة عن الحدود.
وقامت الأنظمة العربية بإرسال رسائل تهويل إلى الحكومة اللبنانية بالتزامن مع “الأخبار العاجلة” للغزو البري المزعوم فحواها إن على اللبنانيين توقع حرب قاسية جداً، وإن “إسرائيل” لن توفر أي هدف مدني أو يخص الدولة اللبنانية في سياق تحقيق هدفها وخصوصاً أنها تريد تغييراً سياسياً في لبنان يواكب أي حل يقوم بعد الحرب.
كان الكمين “الإسرائيلي” بغزو وهمي يهدف إلى خداع المقاومة كي تستنفر قواتها علناً فتنكشف أمام العدو لاستهدافها مباشرة بالطيران المسير والمدافع والصواريخ، لكن المقاومة كشفت الخديعة وكأنّها تقول لجيش العدو: لقد تأخرتم كثيراً بالغزو أين أنتم… نحن بانتظاركم.
لم يُصدّق العدو، وتوهم بأن الحدود خالية، فأرسل قوة استطلاعية داخل لبنان، ليكتشف أن المقاومة كانت فعلاً بانتظارها ونصبت لها كميناً محكماً قضى عليها بصورة سريعة ومفاجأة من حيث (لاتحتسب).
المشكلة أن مصادر الأنظمة العربية تُصدّق بأن العدو قادر برياً، استناداً إلى تفوقه الجوي على شن “عمليات خاصة ومفاجئة“ تستهدف إحباط خطط المقاومة لصد الهجوم البري، في حين لايصدقون رسائل المقاومين للعدو: أين أنتم… لقد تأخرتم، نحن بانتظاركم للالتحام معكم!.
ومن العار على الأنظمة العربية المتأسرلة التي تدعي إعلامياً أنها حريصة على لبنان أن تقول لحكومته: إن مسرح العمليات المتوقعة من قبل جيش الاحتلال قد لايقتصر على المناطق الحدودية بل سيتعداه إلى مناطق في عمق لبنان قد تصل إلى مناطق بقاعية على الحدود مع سورية.
نعم، الأنظمة العربية المتأسرلة تتعامل مع لبنان حالياً وكأنّ المقاومة اللبنانية اختفت من الوجود، وأن جيش العدو بات مستعداً لعملية برية دون اللجوء لسلاح المدرعات للوصول إلى منشآت حزب الله التي أقامها تحت الأرض وتدميرها، فهو لم ولن يُصدّق بأن المقاومة لاتزال تدكّ الداخل “الإسرائيلي” بصواريخها ومسيراتها وقذائفها، وبأن عودة المستوطنين إلى شمال فلسطين باتت مستحيلة، وبأن الميدان هو من سيعلن اسم المنتصر، وهو حتماً المقاومة اللبنانية التي أعلنتها مراراً على لسان أمينها العام الشهيد حسن نصر الله: ولى زمن الهزائم وأتى زمن الانتصارات.
الخلاصة: بعد الرد الإيراني الذي سيلجم اندفاعة كيان العدو، فإن المنطقة دخلت مرحلة جديدة أكد فيها محور المقاومة أنه هو وليس أمريكا أو “إسرائيل” من سيغير خريطة المنطقة كما ستغير روسيا خريطة العالم بعد انتهاء الحرب الأوكرانية، وستكون المعركة البرية بين قوة الرضوان وجيش العدو الذي تكبد خسائر فادحة ـ بعد تسلله “الخجول” إلى بعض المواقع اللبنانيةـ هي الفيصل في رسم الخريطتين، ويبدو واضحاً تلهف هذه القوة للالتحام مع قوات العدو في معركة كبيرة، وهي تناديها بإلحاح: أين أنتم تأخرتم كثيراً… مفاجأتنا بانتظاركم.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة