“تفوّقٌ” على طريق الهاوية
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
يعتقد المتطرفون في حكومة العدو الإسرائيلي أن ما يملكونه من فائض قوة سيمكنهم من تحقيق أهدافهم المبطنة التي تتجاوز ما يظهرونه، مما يعلق بإعادة الأسرى -أحياء أو أموات- وإعادة مستوطنيهم إلى مستعمرات غلاف غزة ومستعمرات الشمال، و”القضاء” على قوى المقاومة- يعتقدون أنهم قادرون على “فرض” الاستسلام على دول وشعوب المنطقة من خلال تدمير المدن والتوسع بالاغتيالات، ومن خلال تلك الجرائم التي يرتكبونها بحق الإنسانية وبحق القانون الدولي.
يبدو أن “إسرائيل” من خلال عدوانها على البنى التحتية والسكنية في فلسطين المحتلة ولبنان وسورية، بما فيها مقرات المنظمات الدولية، وصولاً إلى مقرات اليونفيل في جنوب لبنان، تعتقد أنها تخط تاريخاً جديداً من الإجرام الذي “سيرعب” العالم بأسرة كي يتوصل إلى نتيجة مفادها بأن من تدعمه أمريكا عسكرياً وسياسياً يمكن أن يفعل ما يشاء، وأن جنون القوة ليس له حدود ولا ضوابط.
إن وجود “اليونيفل” في لبنان هو كقوات للمراقبة ورغم حياديتها وجودها يخدم “إسرائيل”، لكن الأخيرة مصرّة على توجيه رسالة إلى الأمم المتحدة وإلى أمينها العام غوتيريش الذي منعته من دخول فلسطين المحتلة، مفادها بأن “القانون هو ما تفعله”.
تعتقد “إسرائيل” أن ما يفعله المجرمون المتطرفون في حكومتها، وليس ما كتبه وأقرّه عقلاء الكون عبر تاريخ البشرية، هو القانون، وخاصةً أن لهم باعاً طويلاً وتاريخاً في الاعتداء على القوات الدولية، وهو ما يذكرنا باعتداءاتهم على “اليونيفل” التي بلغت أشدها في “عناقيد الغضب”، حيث قتلت في حينها مئات اللبنانيين الذين احتموا بخيمة تلك القوات من غارات إسرائيلية استهدفت قراهم، ومرّت الجريمة بحق الأمم المتحدة دون عقاب أو أي تحرّك سياسي أو قانوني حتى بحق مجرمي الكيان.
كذلك تعتقد حكومة “إسرائيل” التي تقاتل مع أمريكا على كل الجبهات أن تفوقها الإجرامي سيحقق لها ما تريد، لكنها لا تقرأ التاريخ، أو لا تستفيد من دروسه، فتفوقها في عدوان الخامس من حزيران حسم المعركة بستة أيام احتلت فيها الجولان وسيناء والضفة الغربية، وتفوقها التقني عام 1982ساعدها في أيام معدودة على اجتياح جنوب لبنان وصولاً إلى قلب بيروت، ولم تسقط قذيفة واحدة داخل مستعمراتها، لكن ماذا حقق لها ولأمريكا هذا التفوق التقني بعد عام وأيام، وبعد كل آلاف الأطنان التي ألقتها على البشر والحجر، وبعد جرائم تفجير البيجر واللاسلكي، وبعد اغتيال قادة المقاومة، وبعد كل هذه العربدة اليومية بطائرات الحربية والمسيّرة؟.
ما يراه الجنود الإسرائيليون وأهاليهم جعلهم يهددون نتنياهو بترك الخدمة، إذا لم يوقف الحرب لأنهم يُقتَلون في المواجهات البرية في غزة، وفي جنوب لبنان، والصواريخ التي كانت تسقط بالعشرات على المستوطنات الحدودية باتت الآن تصل إلى حيفا وتل أبيب بالمئات يومياً، وبات ملايين المستوطنين الإسرائيليين يقضون جلّ أوقاتهم في الملاجئ.
فيما عاد الفلسطينيون لابتداع وسائل مقاومة جديدة كقتل المعتدين بالسكين وبالدهس، وبطرق لن تخطر على بال مجرمي الحرب الذين يجرّون الكيان إلى الهاوية، في وقت فضّل أكثر من مليون إسرائيلي ترك فلسطين المحتلة والخروج دون عودة نتيجة عجز حكومتهم عن تحقيق اللاأمن، بل نتيجة عبث حكومتهم بالأمن وأي سلم في المنطقة، حيث بات حلماً صعب التحقيق.
والحال فإن “إسرائيل” وأمريكا ودول الغرب يخوضون حرباً بكل ما لديهم من وسائل الإجرام ضد شعوب المنطقة، لكن ذلك لن يحقق أياً من أهدافهم المعلنة، ولن يحقق لهم الانتصار أو حسم المعركة حتى لو استمرت سنوات أخرى، بل على العكس تماماً ستوصلهم أكثر فأكثر إلى الهاوية أخلاقياً وسياسياً وعسكرياً، وإن غداً لناظره قريب.
طريقك الصحيح نحو الطريقة