قطار الموت يتحكم بالإسرائيليين
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
لاتزال بعض الفضائيات العربية تبث أخبارها الممزوجة بالسموم لزرع اليأس في نفوس متابعيها مستميتة بالدفاع عن السياسة العدوانية الإسرائيلية، في وقت لانبالغ إذا قلنا، إن الفضائيات الإسرائيلية باتت عاجزة عن تبريرها للجرائم التي ترتكبها حكومتهم بدعم أمريكي بحق المدنيين في غزة ولبنان، والتي كان آخرها استهداف مدرسة في غزة تعجّ بالنازحين، وكان من المفترض أن تستضيف حملة لتطعيم الأطفال تجريها منظمات دولية بعد حصولها على ضمانات من الجانب الإسرائيلي بعدم استهدافها.
وفي لبنان تتذرع “إسرائيل” بأنها تقصف الأحياء والقرى بحجة أن أسلحة حزب الله مخبأة تحتها، وهي الذريعة ذاتها التي استخدمتها لتدمير مدن غزة ومشافيها ومدارسها.
بل الأفظع من ذلك أن مندوب “إسرائيل” في مجلس الأمن لم يعتذر عن استهداف دبابات جيش حرب كيانه أحد مراكز “اليونيفيل” في جنوب لبنان، متذرعاً بأن مقار تلك القوات باتت “ستاراً لإخفاء سلاح حزب الله”، وهذا الاتهام الكاذب يبدو أنه لرفع الحصانة نهائياً عن تلك القوات، وتبرير أي حماقة صهيونية قادمة بحقها، ويتماهى مع مطالبة نتنياهو لها بالانسحاب إلى ما وراء الليطاني.
ومن يتابع مراسلي تلك القنوات من داخل فلسطين المحتلة يستشف منهم قوة الضربات التي توجهها المقاومة اللبنانية والفلسطينية للمصالح الإسرائيلية ولمراكزها العسكرية، وفي أغلب الأحيان نتم مقاطعة المراسل كي لا يُظهِر صورة الضعف الإسرائيلي وقوة وتأثير ضربات المقاومة التي تبثّ الرعب في نفوس المستوطنين على كامل أراضي فلسطين المحتلة، والتي كان من أشدها استهداف المقاومة لقاعدة عسكرية بمسيّرة، الأحد، حوّلت ضباط وجنود القاعدة إلى قتلى وجرحى سارعت سيارات الإسعاف والمروحيات لنقلهم وتوزيعهم على برادات المشافي وأسرّتها.
ولكن قبل تلك العملية المؤثرة والمتميزة التي تركت قادة العدو يفتشون عن أسباب وأعذار، ويشكلون لجان تحقيق لمعرفة سرّ وصول تلك المسيّرة إلى عقر قاعدتهم، والتغطية على صدمتهم المتفاقمة من احتفاظ حزب الله بتفوق واضح في معارك البر، وقدرة هائلة على إدارة المعركة وتحديد الأهداف وتوزيع المهام، والذي يدل على أن القيادة والسيطرة لدى الحزب بأفضل أحوالها على الرغم من اغتيال العديد من قادة المقاومة.
والملفت أنه قبل تلقي الاحتلال تلك الضربة القاسية والتي خلفت أكثر مئة قتيل وجريح في صفوف هذا الجيش المجرم، هو التحليل الذي نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية مؤخراً والذي جاء فيه: إن الإسرائيليين كما لو أنهم يركبون قطار الموت في مدينة ملاهي فتتبدل حياتهم بين الصعود والهبوط المرعب، فيما أشار أحد الباحثين الصهاينة في مركز أبحاث المجلس الأطلسي إلى أن الدمار الشامل الذي ألحقته هجمات “السابع من أكتوبر” بالقواعد والمستوطنات الإسرائيلية امتد ليحطم ثقة الإسرائيليين بالحكومة والجيش والاستخبارات، حيث باتت “إسرائيل” تائهة، وفق وصفه الحرفي.
ومهما زادت الجرائم الإبادية التي ترتكبها “إسرائيل” بحق المدنيين في غزة ولبنان، ورغم الخسائر المادية والبشرية الناتجة عنها، فلا يمكن أن تعيد الثقة بعودة الأمن للمستوطنين، وما تحطم من ثقة وأمن في نفوسهم على وقع ضربات المقاومة لا يمكن لآلاف أطنان القنابل ولا لحاملات الطائرات الأمريكية ولا لمنظومة الدفاع الجوي “تاد” التي تريد أمريكا إرسالها مع طواقم تشغيلها- لا يمكنها أن توقف “قطار الموت الذي يصعد ويهبط بالإسرائيليين” أو وجود أدنى ثقة بمجرمي الحرب أن يضبطوا حركاته المرعبة.
وبالعودة إلى ما تقوم به بعض الفضائيات الناطقة بالعربية من تسويق لوجهة النظر الإسرائيلية وتهميش لإنجازات المقاومة، فإن الشمس لا يمكن أن تغطّى بغربال، والوجع الإسرائيلي من ضربات المقاومة وتماسكها وقدرتها على قيادة المعركة بات من الممكن أن نستقيه من وسائل إعلام العدو نفسها رغم التكتم الكبير، وفق ما يقوله مراسلو الفضائيات المتحيزة للعدوان والمتواجدون داخل فلسطين المحتلة.
أمام “قطار الرعب” هذا، نعود ونذكّر كما ذكّر معنا العالم كله شعوباً وحكاماً: الحل لإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة يكمن في تطبيق حلّ الدولتين وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة