مشروعٌ أمريكي بالذخيرة الحيّة ضدّ مدنيي اليمن
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
يبدو أن أمريكا قد تجاوزت كل أساليب التخفي التي تظهرها كوسيط لإنهاء الحرب، وحلّ المشكلات العالقة عبر التفاوض، ولم تعد عبارات من قياس “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس” تستر عورة التورّط الأمريكي المباشر في الحرب الإجرامية التي عرّت حكومة الكيان أمام المجتمع الدولي الذي بات بمعظمه يتعامل مع الإسرائيليين كمجرمي حرب، حتى في المحافل الدولية.
وهذا ما ظهر واضحاً عندما ألقى نتنياهو كلمته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي لم تتابعها سوى مقاعد فارغة بعد أن سارع شاغلوها للانسحاب من “خطاب” مجرم أرعن، فيما بقي في القاعة مندوبو بضعة دول تخضع للضغوط الأمريكية، والمشهد ذاته تكرّر في الاجتماع البرلماني الدولي في جنيف قبل أيام، حيث انسحبت معظم الوفود عندما بدأت كلمة المندوب الإسرائيلي.
لكن مقاطعة معظم دول العالم لم تثن بايدن- الذي وصف نتنياهو بالكاذب اللعين- من إرسال منظمومة “ثاد” للدفاع الجوي مع طواقم تشغيلها الأمريكيين، لأن الكاذب الملعون هو المطلوب أكثر من غيره في عالم الجريمة الذي ترسم ملامحه دولة تقود القطب الأوحد باتجاه الهاوية، ولا تتورع من إرسال أحدث طائراتها القاذفة من طراز “بي-2” لقصف الشعب اليمني، وتدمير منشآته المدنية بأسلحة يتم استخدامها للمرة الأولى.
وذلك دفع بعض المراقبين للقول إن “الهجوم الأمريكي وبهذه الطائرات المخصصة لتدمير المنشآت النووية هو رسالة استكشاف بالنار لفاعلية السلاح الجديد”، ولإرسال رسالة إلى إيران مفادها بأن “أمريكا يمكن أن تستخدم هذه الطائرات ضدها، إذا حاولت أن تردّ رداً موجعاً على الردّ الإسرائيلي” الذي تشارك أمريكا بوضع الخطط لتنفيذه في فترة تسبق تاريخ الخامس من تشرين الثاني القادم وفق ما هو مزمع.
إذاً أمريكا نفّذت مشروعاً بالذخيرة الحية، والهدف: مدنيين، والأداة: طائرات سيئة الصيت والسمعة، وبالتالي هي لم تستفد من دروس الماضي المتعلقة بالعدوان على الشعوب، وخاصة دروس الخيبة في فيتنام، حيث كانت طائرات البي 52 تقصف مئات، بل آلاف الأطنان من القنابل يومياً كي تفرض الاستسلام على الشعب الفيتنامي، لكنها فشلت، ومن ثم استسلمت لإرادة الشعب الفيتنامي وانسحبت مع قاذفاتها العملاقة.
ومن المرجح أن تدفع أمريكا وبريطانيا وكل الدول التي تمدّ “إسرائيل” بالسلاح وتدافع عنها بكل ما تملك، ثمناً باهظاً على الأعمال العدوانية وفق ردود يمنية حدّدت شداتها المتدرجة القوات المسلحة اليمنية، حيث تتصاعد وبشكل موازٍ للتصعيد الغربي والصهيوني في غزة، ولبنان، واليمن، وربما يتحول البحر الأحمر وبحر العرب وصولاً إلى المحيط الهندي إلى مقبرة للقطع للبحرية الغربية التي تشارك “إسرائيل” في حربها الإجرامية، وفق تصريحات واضحة من “أنصار الله” الذين أكدوا أن وقف العدوان على غزة هو الشرط الأساسي لوقف عملياتهم العسكرية ضد “إسرائيل” ومن يساندها.
إن هذا الإفراط في استخدام القوة واستدعاء طائرات “بي-2” لن يرعب شعب اليمن أو يلغي قراره في مساندة الأشقاء في غزة وجنوب لبنان، أو قوى محور المقاومة، وربما تدرك أمريكا قريباً أن أبواب جهنم ستفتح في وجهها، عقاباً على تورطها في دعمها غير المتناهي لمجرمي الحرب.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة