حزب الله اللبناني ومبرّرات عدم فصل جبهة غزة
خاص غلوبال – زهير المحمد
واجهت المقاومة الوطنية اللبنانية انتقادات متزايدة بشأن دعمها للشعب الفلسطيني في غزة، ودعمها العسكري للمقاومة الفلسطينية ضد «إسرائيل»، إذ يرى البعض أن حزب الله كان عليه تجنب الانخراط في هذا الصراع، لكن الواقع يشير إلى أنه قام بالدفاع عن أراضٍ لبنانية محتلة، مثل مزارع شبعا، وهي مناطق لبنانية معترف بها دولياً كجزء من سيادة لبنان وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي.
هناك عدة نقاط تظهر أن دعم حزب الله ليست فقط خطوة صحيحة، بل هي في مصلحة لبنان الوطنية، فمنذ عقود يشكل الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا ومناطق أخرى تهديداً مباشراً لسيادة لبنان واستقراره، والمقاومة اللبنانية تحمل مسؤولية الدفاع عن لبنان من هذا الاحتلال أو استغلال أي ثغرات لاستمرار توسعه، وبالتالي استهداف الحزب لمواقع إسرائيلية هو ردّ مشروع على انتهاكات الاحتلال.
إن التغاضي عن هذه الاعتداءات يؤدي إلى تشجيع الكيان المحتل على المزيد من التجاوزات، وقد يُضعف موقف لبنان أمام المجتمع الدولي برمته.
و«إسرائيل»، بدعمها العسكري والتقني، كانت تسعى إلى إضعاف المقاومة الفلسطينية في غزة عبر حربها المتواصلة، لكن استراتيجية حزب الله المبنية على وحدة الساحات لعبت دوراً كبيراً في منع «إسرائيل» من تركيز قوتها العسكرية في غزة فقط، بتوسيع دائرة الصراع إلى الجبهة الشمالية مع لبنان، فأجبرت المقاومة اللبنانية «إسرائيل» على توزيع قواتها العسكرية في عدة جبهات، ما أجبر الاحتلال على التعامل بحذر مع مختلف الساحات، وهذا التوازن في العمليات العسكرية حافظ على استقرار المنطقة ومنع «إسرائيل» من فرض شروطها بالقوة.
وإن التوغل الإسرائيلي في المناطق الحدودية كان سيشكل تهديداً دائماً للبنان، خاصة في ظل سعي الاحتلال للسيطرة على مناطق استراتيجية مثل مزارع شبعا، فكان رد حزب الله العسكري بمنعه من تحقيق أهدافه التوسعية، وكذلك هو تأكيد على ضرورة الالتزام بالحدود المعترف بها دولياً، وهكذا يضمن للبنان استقراراً أمنياً على المدى الطويل ويمنع الاحتلال من استغلال أي نقاط ضعف لتحقيق مصالحه.
والحال فإن حزب الله يحمل قضية فلسطين كجزء من نضاله الوطني والإقليمي منذ نشأته، ودعمه لغزة تأكيد على التزامه بمبادئ المقاومة، التي لا تقتصر على حماية الأراضي اللبنانية فحسب، بل تشمل الدفاع عن الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، ما يعزّز مكانة الحزب ليس فقط في لبنان، بل في العالم العربي والإسلامي الذي يرى في حزب الله شريكاً رئيسياً في دعم القضية الفلسطينية.
وهذا التضامن يمنح لبنان قوة إضافية ويجعل من المقاومة جزءاً لا يتجزأ من الحراك الشعبي العربي برمته ضد الاحتلال الإسرائيلي.
إذاً فدعم المقاومة اللبنانية لغزة لم يأتِ على حساب مصلحة لبنان، بل كان جزءاً من رؤية استراتيجية تشمل المنطقة برمتها وتعزز أمن شعوبها ومستقبلها في خضم وجود عدو حاقد متغطرس في قلب المنطقة يهدف قبل كل شيء إلى ضرب حركات التحرر الوطني في المنطقة.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة