أردوغان يعود لخطب الود
خاص غلوبال – محي الدين المحمد
لم تنقطع التصريحات التركية خلال الأشهر السابقة حول نيتهم بتطبيع العلاقات مع سورية، تصريحات من وزير الدفاع ووزير الخارجية ورئيس للبرلمان وزعماء المعارضة وسبقهم إلى ذلك الرئيس التركي أردوغان.
بعضهم يريد زيارة دمشق، وآخر ينتظر الرد، فيما عبر الرئيس التركي أكثر من مرة عن حماسه الكبير للقاء الرئيس بشار الأسد، وإعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى سابق عهدها قبل اندلاع مايسمى بالربيع العربي، وكان الرئيس أردوغان أحد الأحصنة الخاسرة التي امتطوها على وعد أن يتزعم الإسلام السياسي الذي كان من المقرّر أن يحكم من تونس إلى مصر وليبيا واليمن وصولاً إلى سورية.
أما الآن فقد تنبهت جميع دول المنطقة إلى الفخ الذي وقعت فيه، وتأكدت أن مصير الشرق الأوسط وأمنه ومصالحه متبادلة ومتكاملة، وتحتاج إلى تعاون في جميع المجالات، وأن حالة العداء لم ولن تفيد من يضع بيضه كاملاً في السلة الأمريكية التي تبين ومن خلال الظروف القاسية التي تعيشها المنطقة، وحالة الإجرام غير المسبوق الذي تضطلع به “إسرائيل” كرأس حربة للتوحش الإمبريالي الذي لن يوفر أحداً في المنطقة، بما في ذلك تركيا التي عبر رئيسها صراحةً عن أن الأطماع الإسرائيلية لن تستثني حتى بلاده.
إن التوصيف التركي لمشكلات المنطقة، والحاجة الأمنية والاقتصادية وحتى البشرية، تتطلب إعادة العلاقات إلى سابق عهدها مع سورية، حيث أثمرت تلك العلاقات وعلى مدى عقد من الزمن تقريباً انتعاشا اقتصادياً واستقراراً أمنياً وطموحاً كان يمكن أن ينقل البلدين والمنطقة إلى واقع أفضل.
والجديد في تصريحات أردوغان تأكيده على سحب قواته من الأراضي السورية وفق جدول زمني يوضع بالتنسيق مع دمشق، وهذا يعتبر ركيزة أساسية من الركائز التي تطالب بها دمشق للانطلاق منها إلى علاقات تتجاوز مرارة الفترة السابقة لتآمر أنقرة على مصالحها ومصالحنا، وعلى أمنها وأمننا، وبالتالي وكما عهدنا دمشق في ردود أفعالها على التصريحات التركية فإنها تريد اتخاذ خطوات عملية لإذابة الجليد، وإظهار حسن النية، ومد جسور الثقة التي للأسف أطاحت بها مواقف قيادة حزب العدالة والتنمية.
كذلك فإن سورية شدّدت مرات عديدة على أنها مع الوساطة “الروسية العراقية الإيرانية” لتطبيع العلاقات مع تركيا، وأبلغت الوسطاء مطالبها المستندة أصلاً إلى ميثاق للأمم المتحدة ومنطوق القانون الدولي، وعندما تكون تركيا مستعدة للمضي في هذا الطريق ويكون هناك مرجعية واضحة للقاء بين الرئيسين الأسد وأردوغان وفق ما قاله الرئيس الأسد.
في الحقيقة إن التصريحات لا تكفي، وسورية يهمها ترجمة الأقوال إلى أفعال، وعندها لن تتأخر لحظة في اتخاذ أي موقف يحقق تطلعات الشعبين السوري والتركي.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة