رواتب لسعادة الموظف وستر شيخوخته
خاص غلوبال – زهير المحمد
كثيرون هم الآباء والأمهات الذين كانوا يهددون أبناءهم في ساعات الغضب بتركهم وقضاء فترة شيخوختهم في دور المسنين، معتمدين في ذلك على راتب تقاعدي كان ينتشل “الزير من البير”، وكان الأبناء يخشون من تنفيذ ذلك التهديد لأنه يضعهم في خانة العقوق التي يتحاشونها كسباً لرضا الوالدين وتجنباً لكلام الناس الذين يعيبون على الأبناء ترك ذويهم في دور المسنين حتى لو كانت من فئة الخمس نجوم.
لكن التهديدات يمكن أن تتلاشى تباعاً بعد انخفاض القيمة الشرائية للرواتب عامة والراتب التقاعدي على وجه الخصوص والذي بات الآن وبحسب الأسعار التي قرأنا عنها مؤخراً عن أجور الإقامة في إحدى الدور المخصصة للمسنين تبدأ من المليون ليرة سورية، ويمكن أن تصل إلى ستة ملايين ليرة للنزيل الواحد شهرياً، مع تأكيد المشرفين على الدار أن بدلات الإقامة لاتكفي وإن هناك حاجة لرفع الأسعار لتخفيض العجز الذي يتم ترميمه الآن من تبرعات المحسنين.
هذا الكلام يجب أن يعلمه الآباء والأمهات من الآن وقبل وصولهم إلى سن الشيخوخة كي لايهددوا أبناءهم، ولو على سبيل المزح بتركهم والذهاب إلى أحد تلك الدور، لأن الراتب التقاعدي الشهري لايسدد لهم أجور الإقامة أكثر من تسعة أيام وفي أدنى درجات الإقامة، فيما يمكن أن يكفي الراتب الشهري التقاعدي ليوم واحد فقط لاغير في الدرجات الممتازة، هذا إذا لم يتم رفع الأسعار لترميم عجز الواردات والتماشي مع حالة الغلاء والتضخم التي تلتهم الرواتب والتعويضات بلمح البصر.
والسؤال الذي يخطر على البال، هو إذا كان راتب الموظف أو المتقاعد لايكفي لتسديد أجور الإقامة لتسعة أيام في أدنى مواصفات الإقامة، ويمكن أن تنخفض لتغطي يوماً واحداً في الدرجة الممتازة، فكيف لرب العائلة أن يعيش بما يتقاضاه من أجور وتعويضات، وهل يستطيع أن يغطي حاجة الأسرة المكونة من أربعة أشخاص ومافوق لثلاثين يوماً، إذا اعتبرنا أن الإقامة في المنزل بحدودها الدنيا، وهل يغطي الراتب الحالي مصاريف يوم أو يومين شهرياً؟.
تصوروا مثلاً أنه وفي اليوم الثاني لرفع أسعار المحروقات وبشكل خاص المازوت الزراعي ارتفعت الأسعار بنسبة قد تزيد عن الخمسين بالمئة للخضر والفواكه، مع إنها مرتفعة أصلاً ولم تسلم السلع الأخرى من وباء الغلاء.
لقد وصل أصحاب الدخل المحدود إلى مرحلة اليأس وعدم الثقة بالإجراءات الحكومية التي تفاقم حالة العوز وتعمق الهوة الهائلة التي تفصل بين الدخل وتأمين مستلزمات الحد الأدنى من الحياة حتى ولو كانت الإقامة في دور المسنين، فهل من حل يلوح في الأفق أم نكتفي بالبشائر الخلبية التي تتحدث عنها صفحات التواصل الاجتماعي، وتعدنا بإجراءات حكومية تبدل أحوال الناس بشكل جذري نحو الأفضل.
طريقك الصحيح نحو الحقيقة